تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تهنئة ووصية الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله للمسلمين في رمضان]

ـ[مؤسسة ابن جبرين الخيرية]ــــــــ[10 - 08 - 10, 05:13 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد ...

فإننا نهنئ جميع المسلمين المؤمنين المتقين في أصقاع الأرض بحلول شهر رمضان، وإدراك أيامه الغر ولياليه الزهر، فإن بلوغ رمضان وصيامه نعمة عظيمة لمن وفق لذلك، فقد من الله - وله الفضل والحمد - علينا بإدراك هذا الشهر العظيم، الذي هو شهر البركات والخيرات، وشهر إجابة الدعوات، وإغاثة اللهفات، الذي تفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران، وتصفد الشياطين، فلا يخلصون إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره.

ونوصي جميع المسلمين في هذا الشهر وما بعده بإخلاص الدين لله، والاعتماد عليه وحده، وخوفه ورجائه، والتوكل عليه، والاستعانة به على أمور الدنيا والآخرة، والابتعاد عن الشرك بجميع أنواعه، وعن دعاء أي مخلوق، أو سؤال المخلوق شيئًا مما لا يقدر عليه إلا الله.

كما نوصيهم بالمواظبة والمحافظة على صلاة الجماعة، وحضور القلب فيها، والطمأنينة، والخشوع الذي مدح الله أهله بقوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ}، والحرص على أداء الصلوات مع جماعة المسلمين، وعدم التخلف عن الجماعة، وعدم تأخير الصلوات عن أوقاتها، وهذا واجب على كل مسلم في جميع السنين والأشهر، ولكن يختص هذا الشهر بزيادة الاهتمام، والمواظبة على الصلوات في مواقيتها، كذلك نوصيهم بحفظ صيامهم عما يجرحه وينقصه، ففي الحديث قوله: "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، وفي حديث آخر: "ليس الصيام من الطعام والشراب، إنما الصيام من اللغو والرفث"، فإذا حافظ المسلم على صيام هذا الشهر وحرص على تكميله، رجي أن يغفر الله له ما تقدم من ذنبه.

كذلك نوصي المسلمين بقيام رمضان أو ما تيسر منه، اقتداء بالنبي، فقد كان يقوم نصف الليل، أو يزيد عليه، أو ينقص منه قليلاً، عملا بقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلا * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا}.

كذلك نوصي المسلمين بحفظ أوقاتهم وبالأخص في هذا الشهر الشريف، فلا يفرطوا في شيء من الأوقات، ولا يضيعوها فيما لا فائدة فيه من القيل والقال، وكذلك في اللهو واللعب، والعكوف على المسلسلات والملهيات، والأفلام الخليعة، والصور الفاتنة، وما تبثه القنوات الماجنة، فقد قال النبي: "إن الله كره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال"، ومدح الله المؤمنين بقوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ، ونوصيهم باستغلال أيام هذا الشهر في الأعمال الصالحة، كتلاوة القرآن، فإن لهذا الشهر خصوصية بالقرآن، لقوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}، ولقد كان السلف رحمهم الله يكبون في رمضان على قراءة القرآن، ويكثرون من تلاوته، فبعضهم يختمه في كل أسبوع، وبعضهم في كل خمس ليال، وبعضهم في كل ثلاث، أو في كل يومين، أو في كل يوم، أو في اليوم مرتين، وكل ذلك اغتنامًا لفضل هذا الشهر، ومضاعفة الأجر فيه.

وهكذا نوصيهم بكثرة الدعاء، وسؤال الله جميع الحاجات، الدنيوية والأخروية، فقد قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}، وقال النبي: "من لم يسأل الله يغضب عليه"، كما نوصيهم بكثرة ذكر الله واستغفاره وتوحيده وتكبيره، وكل شيء يذكر بعظمته وجلاله، كما نوصيهم بمضاعفة الجود والكرم، وكثرة الصدقات والنفقات في هذا الشهر، فإنها تضاعف أضعافًا كثيرة، واقتداء بالنبي فهو في هذا الشهر يتضاعف جوده، وهو أجود من الريح المرسلة.

كما نوصي المسلمين المؤمنين بالتمسك بالسنة، التي حث عليها نبينا، بقوله: "عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة"، والخلفاء الراشدون هم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، رضي الله عنهم، وكذا من سار على نهجهم من الخلفاء قديمًا وحديثًا، ونوصي أيضًا بالترضي عن بقية الصحابة، الذين مدحهم الله وأثنى عليهم بقوله تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكفار}، وكذا نكثر الصلاة على النبي محمد عند ذكره، وعند بعض المناسبات، وقبل الدعاء وبعده، فقد رغب في ذلك بقوله: "من صلى عليَّ صلاة واحدة صلى الله بها عليه عشرًا"، ولما قال له جبريل عليه السلام: (رغم أنف رجل أدرك شهر رمضان ولم يغفر له) قال: "آمين" (رغم أنف رجل أدرك أبويه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة) فقال: "آمين"، (رغم أنف رجل ذكرت عنده ولم يصل عليك) فقال: "آمين".

اللهم صل وسلم على نبينا محمد صاحب المقام المحمود، واللواء المعقود، والحوض المورود، صلاة وسلامًا دائمين إلى يوم الدين، وارض اللهم عن أصحابه وأتباعهم إلى يوم الدين. والله أعلم.

قاله وأملاه

عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين

1/ 9/1427هـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير