تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[عام على الرحيل]

ـ[عبدالرحمن بن قعود]ــــــــ[10 - 08 - 10, 06:25 م]ـ

[عام على الرحيل]

إنها سنة الله تعالى في هذه الحياة الدنيا بأن جعل الموت نهاية كل البشر عالمهم وجاهلهم صغيرهم وكبيرهم ذكرهم وأنثاهم (كل نفس ذائقة الموت).

عام على رحيل والدنا سماحة الشيخ عبدالله بن جبرين ذلك العالم العلامة الذي أفنى عمره وحياته في خدمة هذا الدين ونفع المسلمين كم كان لفراقه وقع على النفوس أشد من وقع الفؤوس على الرؤوس نعم رحل ابن جبرين بعد رحلة دامت أكثر من سبعين سنة مخلفا علما غزيرا وذكرا طيبا لطلاب العلم خصوصا وللمسلمين عموما.

إن القلم ليعجز حائرا والحبر ليقف جامدا عندما يريد الكتابة عن هذا العالم العلامة أفي تعامله وأخلاقه يكتب أم عن تواضعه وعطفه يسطر أم عن علمه وفقهه يدون هو البحر في أحشائه الدر كامن، هو البدر في عليائه النور ساكن.

إن للشيخ مواقف لا تحصى وتذكر ولا تنسى فلم ولن أنسى ذلك اليوم وقد خطب فينا الشيخ خطبة الجمعة ثم ازدحمنا عليه بعد الصلاة للسلام عليه فكان الكل يسلم عليه وينصرف وعندما جاء دوري تشرفت بالسلام عليه وأردت أن أنصرف كما انصرف غيري فما كان منه رحمه الله إلا أن أمسك بيدي فنظرت إليه وإذا بالابتسامة تعلو محياه وأخذ يسألني عن حالي وأمري. ولن أنسى تلك اللحظات التي تحلقنا فيها معه رحمه الله تعالى بعد درس الفجر عند وجبة الإفطار وكأنه واحد من الطلاب في أخلاقه وتواضعه. ولن أنسى ذاك الدرس الذي حمل فيه طالب أثناء درس الشيخ إلى المستشفى إثر وعكة صحية ألمت به فما كان من الشيخ رحمه الله إلا أن زاره في المستشفى قبل الطلاب.

مَالِي ولِلْوَجْدِ أَرْثِيْهِ وَيَرْثِيْنِي = مِنْ فَرْطِ حُزْنِي عَلَى مَوْتِ ابْنِ جِبْرِيِنِ

يَا بَاكِياً وَجَعاً لِلْشَّيخِ مُفْتَقِداً = إِنَّ الْذِّي أَبْكَاكَ الْيَومَ يُبْكِيْنِي

إِنِّي لأَذْكُرُهُ فِي الدَّرسِ مُنْطَلِقاً = يُحْذِي الْجُمُوعَ كَمَا شَمِّ الرِّيَاحِينِ

وإن كنت ناسيا فلم ولن أنسى يوم الاثنين العشرين من رجب كيف فجعت الأمة الإسلامية بأمر فزعها خبره، وهزها نبأه، وعز عليها مسمعه، وأثر فيها موقعه، حيث تألمت منه المسامع، وسكبت من أجله المدامع، وارتجت من هوله الأضالع، وكادت له القلوب تتفجع، والنفوس به تتوجع. خبر وفاة شيخنا رحمه الله تعالى حيث فاضت روحه إلى بارئها في ذلك اليوم بعد تلك الرحلة الطيبة المباركة في نشر العلم والدعوة والخير. نعم رحل ابن جبرين عن عمر ناهز سبع وسبعين رحل ابن جبرين وله محبة في قلوب الملايين رحل ابن جبرين مخلفا فقها وعلم ثمين.

نعم رحل ابن جبرين ومضى عام على رحيله رحل جسده ولكن لم يرحل علمه وفقهه فها هي مؤسسة الشيخ عبدالله بن جبرين الخيرية عاكفة على طباعة ونشر جميع مؤلفات الشيخ - رحمه الله - وتسعى حاليا في ضبط وإخراج التراث العلمي الضخم للشيخ وكونت عددا من اللجان في ذلك.

وتم كذلك إنشاء كرسي الشيخ عبدالله بن جبرين لدراسات الإفتاء في جامعة الإمام والذي يسعى إلى تعزيز ثقافة الإبداع والتطوير في فهم المستجدات والنوازل وتوظيفها في مجال الفتوى الشرعية، والمساهمة في تكوين العالم الموسوعي المؤهل, والتواصل مع المجامع والمراكز والمؤسسات الفقهية وهيئات الاستشارات الشرعية لضبط مناهج الفتاوى والقرارات.

نبكي وتبكي على (الجبرين) أمتنا ثكلى فناح عليه العرب والعجم

العين تدمع والقلب احتشى حزَنا ولا نقول سوى مافيه مُعتَصم

إنا إليك إلهي راجعون ولا حولٌ بغيرك إن حلت بنا الغمم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير