وقد كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا خُيّر بين أمرين أختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا ... ولا يُجاب علينا بأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كريم الأخلاق لذلك لم يذكر تلك العادة لدناءتها ولأنها ليست من المروءة في شيء!! هذا تلاعب بالشرع والدين، ولو فتحنا هذا الباب لفتحنا علي الأمة باب شر. ثم ما علاقة كرم أخلاق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشدة حياءه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببيان الأحكام الشرعية؟؟!! ألم يُبين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحكام الغُسل والجنابة والجماع والحيض والنفاس وغير ذلك للأمة كلها رجالها ونسائها، فلماذا نجعل حياء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلو أخلاقه حاجزًا في سبيل تبليغ شرع الملك؟؟!! فليُتدبر ... .
والاستدلال من الحديث السابق حديث ابن مسعود من وجهين:
(1) أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سكت في معرض البيان عن ذكر تلك العادة ولم يفتح أي باب آخر لقضاء الشهوة سوي النكاح أو الصيام فاقتضي الحصر.
(2) عدل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الاستمناء إلي الصوم، والصوم لا شك أنه أشق علي النفس من الاستمناء الذي هو أيسر للنفس وموافق لهواها، فلا جرم أن العدول عنه إلي الصوم دليل علي حرمته.
5 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ شَابٌّ، وَأَنَا أَخَافُ عَلَى نَفْسِي الْعَنَتَ، وَلَا أَجِدُ مَا أَتَزَوَّجُ بِهِ النِّسَاءَ. فَسَكَتَ عَنِّي. ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَسَكَتَ عَنِّي ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَسَكَتَ عَنِّي ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" يَا أَبَا هُرَيْرَةَ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا أَنْتَ لَاقٍ فَاخْتَصِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ ذَرْ ".
فاستأذن أبو هريرة وغيره من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الإختصاء – وهو عملية جراحية لإزالة الخصيتين – ليدفعوا به مشقة العزوبة عن أنفسهم، ويستريحوا من عناء مقاومة الشهوة، فلم يرخص لهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وارشدهم إلي الصوم، فلو كان الاستمناء جائزًا لأرشدهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليه إذ أنه أسهل من الإختصاء الذي هو حرام - لأنه تغيير لخلق الله - ومن الصوم الذي له مشقة علي النفس، ورغم ذلك أعرض النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنه إلي الصوم فدل علي حرمته لأن "السكوت في معرض البيان يُفيد الحصر".
6 - هناك قاعدة شرعية تقول (الضرر يُزال) ودليلها قول الله تعالي:"وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ" وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ".
أي لا يضر الإنسان نفسه ولا يضر غيره، فيُستفاد من هذا الحديث أن الأصل في المضآر التحريم، ومن مضار هذا الفعل الخسيس الدنيء:
إنهاك القوي، نحول في الجسم، إرتعاش الأطراف خاصة الرجلين، خفقان في القلب، إضعاف حدية البصر إلي حد كبير، إخلال بالجهاز الهضمي، التهاب منوي في الخصيتين، ألمًا في فقرات الظهر، ضعف في الغدد المخية حتي يكاد صاحبها أن يُصاب بالخبل، ضعف الذاكرة والقوي المدركة والفهم، الميل إلي العزلة والإنكماش، والشعور بالكسل والكآبة والحزن ... إلي غير ذلك من الأمراض والأضرار ... ولن أذكر الأدلة علي حدوث تلك الأمراض وإنما تستطيع أن تراها أمام عينيك مثالاً حيًا عند أي ممارس لهذه العادة السيئة حتي ولو مارسها مرة واحدة في الإسبوع، ولا ضابط في ذلك!!!.
ولا غرب في تسبب العادة السرية في حدوث هذه الأمراض وغيرها،إذ أن ماء الرجل هو مخ ساقه وقوة عقله وخلاصة عروقه ونضارة وجهة؛ فاستخراجه علي غير الوجه الشرعي يؤدي حتمًا إلي أسوئ النتائج.
هذا من ناحية الأضرار الصحية فضلاً عن الضرر في الدين للجرأة علي ما حرمه الله سبحانه وتعالي.
ومن مضآر هذه الفعلة الخبيثة التسبب في قلة الحياء، وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا وَخُلُقُ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ".
¥