أقول: لنفترض جدلاً صحة هذا الكلام فأولاً: هذا شرع الملك لا بد من توضيحه وقد قال الله:"فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا" وقال:" يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ" وقال"وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ" ثم إن الفرق بين الرجل الصالح وغيره أن الصالح لا يُصر علي أي معصية أبدًا وإنما الهوي وتوقد نيران الشهوة ووسوسة الشيطان يوقعونه في المعصية فيفعلها وهو غير راض عن نفسه بل ويعزم التوبة قبل الفعل، ويندم .. بينما تجد غيره لا فارق عنده بين طاعة ومعصية .. .
* هناك بعض الناس يعلم أنها معصية ولكن يستصغرها .. قال ابن الجوزي: قال بعض السلف: تسامحت بلقمة فتناولتها، فأنا اليوم من أربعين سنة إلي خلف. أحبتي في الله:اسمعوا ممن جرب، وانظروا في العواقب، واحذروا من شررة تُستصغر، فربما احرقت بلدًا.
* قال الله تعالي:" قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ" وقال:"وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ" اترك لك الإختيار في وضع الاستمناء تحت أحد النوعين السابقين ... .
* قال بعض السلف: إن العبد ليخلو بمعصية الله تعالي فيلقي الله بغضه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر. قال بعض السلف: إني لأعرف ذنبي في خلق خادمي ودابتي. أريدك أن ترجع بذاكرتك إلي المرات التي مارست فيها تلك الفعلة الخبيثة لتتذكر كيف كانت معاملة أهلك والناس من حولك بعد ممارستك لتلك الفعلة .. وستعلم .. .
* قد يُفتن البعض بأن بعض العلماء كرهها فقط مثل العلامة الإمام الشوكاني رحمه الله؛ أقول لك: إن الإمام الشافعي رحمه الله قال: أجمع أهل العلم علي أن من استابنت له سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس كائنًا من كان. فلا تعدل عن الحق أبدًا ولو خالفك من بين المشرق والمغرب. والإمام الشوكاني وغيره بشر يخطئ ويصيب، فما كان من صوابه فله فيه أجران وما كان من خطئه فله فيه أجر ولا يحل لأحد أن يتابعه علي خطئه. ولتعلم أن من رد كلام الله وحديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو علي شفا هَلكة؛ قال تعالي:"فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ". قال سليمان التيمي: لو اخذت برخصة كل عالم أو زلة كل عالم اجتمع فيك الشر كله. نسأل الله العافية.
كما أن أقوال أهل العلم يُحتج لها من الأدلة الشرعية، ولا يُحتج بها علي الأدلة الشرعية.
أخي الحبيب اللبيب: المفتون لا يحتاج إلي فتنة، إنما هو أصلاً مفتون، قال تعالي:"وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًاأُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ".
* ها قد علمنا حكمها، وأيقنا بحرمتها، وعزمنا علي تركاها، ولكن كيف التحصن منها؟
لقد رأيت شيخي فضيلة الشيخ فوزي سعيد – فك الله أسر كلمته - في أغلب الأحيان كل ما سُئل سؤالاً يبدأ في الإجابة بقوله:
1 - الإستعانة بالله:فمن أعانه الله فهو المعان ومن خذله فهو المخذول، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله؛ أي لا تحول للعبد من حال إلي حال ولا قدرة له علي ذلك إلا بالله جل وعلا.
بل والله لقد رأيت شيخنا حفظه الله يدعو ويقول: اللهم إنك أعنت نبيك محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علي شيطانه فأسلم، فأعني يا رب العالمين.
¥