إلى الكمال، خصمهم الأوحد، فكثيرٌ من جهودهم قد فتحت له آفاقًا، وأوضحت له إشكاليات، وبيَّنت له عورات، وفتحت عنده باب قضيَّة كان عنها غافلاً، نحن لا نُنكِر ذلك، فرُبَّ حكمةٍ تُؤخَذ من أحمق، خصوصًا أنَّ بعضهم قد أضنى نفسَه في كتب التراث الإسلامي، وبذَل في ذلك طاقة عجيبة، وسأل وبحث حتى وصَل إلى ما يدعم أطروحته، ويميِّزه من بين الكتَّاب الآخَرين، ويجعله يفوز برضا الجريدة وأصحابها ومَن فوقهم؛ ? وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ? [الأنفال: 60].
فلا تستغرب حين ترى فرَح أحدهم بما وصَل إليه، ولا تستغرب حين ترَى أصحابه من المتخصِّصين في علمٍ أو الخنفسة، وقد اجتمعوا حوله بأقلامهم، يؤيِّدونه وينصرونه، فمتى ما رأيت كرةً من هذه الكرات، فاعلم أنهم سيتتابَعُون في كلِّ الجرائد كأنهم أكَلَةٌ على قصعةٍ، فما أنْ ينبعث أشقاهم، حتى يتبعه الآخَرون، يَلُوكُون الكلام لَوْكًا، ويبدَؤُون فيه ويُعِيدون، مُستَخدِمين سطوتهم الإعلاميَّة، ولغتهم الدربة، وأفكارهم الماكِرَة، واستهزاءهم الجارح، ينتَشُون بذلك نشوةً عجيبة، لا تُشبِهها إلا نشوة الخنفساء وهي تُعانِق أكبر كراتها.
إنَّ من الصعوبة بمكان أن تَتعامَل مع أحد مختصِّي هذا العلم، أو تُحاوِره أو تُناقِشه، وكثيرٌ منهم تحوَّل إلى هذا التخصُّص بعد أن فشل في طلب العلم الشرعي، ولم يكن له في الخير منصب ولا نصيب، فتَراه حلَق لحيتَه وقد كانت طويلة، وغيَّر لباسه وقد كان شرعيًّا، وعبَث بما كان يُقَدِّسه، وتجرَّأ على ما كان يتقرَّب به إلى الله - عزَّ وجلَّ - فاستَبدَل دينه بدنيا غيره، ولم يحصل من الدنيا إلا ما كان قد كُتِب له، فيرفعه الإعلام رفعة سريعة، حتى إذا قضَى منه الوَطَر، وتكلَّم بما أُرِيدَ له أن يتكلَّم به، اختَفَى فجأةً، وانطفأ كأن لم يكن، وسُحِب من السوق كأنَّه بضاعة فاسدة، فانقَلَب في آخِر عمره فارِغ اليدين، إلا من بعض الدنانير أو بعض الثناء ممَّن لا يُغنُون عنه من الله شيئًا، فكان كصاحب بني إسرائيل: ? وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ ? [الأعراف: 175 - 176].
وهذا أسلوب القرآن في تشبيه الناس بما يُناسِبهم من مخلوقات الله - عزَّ وجلَّ - وعليه بنيت هذا المقال، وعلى هذا الأسلوب مشيت، وبه تمسَّكت، وبخُطاه استَرشدت فإن كان صوابًا فمن الله، وإن كان خطأ فمن غضبتي على هذا الدين وأهله، حين يستَبِيح عرضهم صاحبُ كلِّ قلم مستورد.
ـ[الغواص]ــــــــ[13 - 08 - 10, 12:41 ص]ـ
كلام فيه قوة ومن أقل حقوقه الحفظ والنشر
ولكن ليتك تعيد صياغة المقدمة بطريقة أكثر دقة
لأنه من الصعب أن نقول: أن خنفساء قالت وقالت وأن الحشرات صفقوا لها ... الخ
وفي الحديث عند مسلم ( .. وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا ... )
اللهم اجعلنا منهم واغفر لمن زل من المسلمين ورده إلى الحق ردا جميلا وتب علينا جميعا واجمعنا في مستقر رحمتك مع النبين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولائك رفيقا
ـ[أيوب بن عبدالله العماني]ــــــــ[13 - 08 - 10, 04:35 ص]ـ
للتنبيه فقط
سعيد النورسي كان إشراقيا - على مذهب ابن سينا الزنديق - كثير من كلامه جميل في الظاهر إلا أن في باطنه السم الزعاف .. وبعض كلامه فيه حلاوة إلا أن مرده إلى تقديس المخلوقات وتهوين الخالق .. نعم كان متوقد الذكاء وكان مخيف الحفظ .. إلا أنه كان ضالا تائها في التصوف ومخاريق الفلاسفة.
ـ[أبو وئام]ــــــــ[13 - 08 - 10, 04:48 ص]ـ
بارك الله فيكم تحليل دقيق
للتنبيه فقط
سعيد النورسي كان إشراقيا - على مذهب ابن سينا الزنديق - كثير من كلامه جميل في الظاهر إلا أن في باطنه السم الزعاف .. وبعض كلامه فيه حلاوة إلا أن مرده إلى تقديس المخلوقات وتهوين الخالق .. نعم كان متوقد الذكاء وكان مخيف الحفظ .. إلا أنه كان ضالا تائها في التصوف ومخاريق الفلاسفة.
لا حول ولا قوة إلا بالله لقد قرأنا كتب بديع الزمان رحمه الله ولم نر فيها ما تقول عفى الله عنك أخي
ـ[حامد الإدريسي]ــــــــ[13 - 08 - 10, 04:18 م]ـ
أشكر الجميع على التفاعل، أما الذي تكلم عن سعيد النورسي فأنا متأكد من أنه لم يقرأ له شيئا، وخير من عرف هذا الرجل هو العلامة فريد الأنصاري رحمه الله، وأنصحكم بقراءة كتابه: مفاتيح النور من رسائل النور، فقد أتعب نفسه كي يبين لنا المعاني العميقة التي يتحدث عنها بديع الزمان، وقد استفدت منه كثيرا، نسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتعون أحسنه، وهذا لا يتأتى إلا لمن يسمع القول كله فيتبع أحسنه ...
أما قضية القصة والتصوير والتشبيه فهو ليس من الكذب في شيء، لأن الكذب إخبار بخلاف الواقع، ونحن هنا نتكلم عن خيال لا عن واقع، وعن إنشاء لا عن إخبار، ومعلوم أن الإنشاء لا يدخله الصدق والكذب ...
وهذا دأب علمائنا الذين ألفوا وقالوا الأشعار وضربوا الأمثال، وعليه بنى الحريري مقاماته، فأرجوا من الأخ التفهم ...
والله المستعان
¥