الجديدة (7/ 255 - الثقافة العربية) من ذكر (الشعبي) بين أبي عبيدة وعدي.
وكذلك وقع في "الإحسان" (8/ 239/6644 - طبع بيروت)، ومن الغريب أن
الطابع وضعها بين معكوفتين [] ثم لم يبين من أين أخذها! ومن محاسن
طبعة المؤسسة للكتاب أنها لم تقع فيه. وليس اعتمادي عليها في الجزم بخطئها،
وإنما على ما تقدم من المصادر العديدة على اختلاف طرقها، وبخاصة على "تاريخ
ابن عساكر" الذي رواه من طريق أبي يعلى - شيخ ابن حبان -، وعلى رواية البغوي
الذي رواه عن شيخ أبي يعلى (إسحاق بن إبراهيم المروزي).
الخطأ الثاني: قول الحاكم: "حديث صحيح على شرط "الشيخين" وإن وافقه
الذهبي؛ فإن أبا عبيدة بن حذيفة ليس من رجال الشيخي أولاً.
ثم هو ليس بالمشهور بالثقة والعدالة ثانياً، ولم يوثقه غير ابن حبان وهو عندي
وسط؛ كما بينت في "تيسير الانتفاع" يسر الله لي إتمامه بمنِّه وكرمه (*).
وهذا بالنسبة لإسناد الحاكم نفسه. وأما بالنسبة للأسانيد الأخرى فقد
عرفت مما سبق أن بينه وبين عدي ذاك الرجل المجهول حتى اسمه (اسمين)!
الخطأ الثالث: تجاهل المعلق على "الإحسان" وجود هذا الرجل في بعض المصادر
التي ذكرها، وتبعه على ذلك المعلقان على "الموارد"، وزادا عليه أنهما ذكرا رواية أبي
نعيم والبيهقي التي فيها تسمية الرجل بـ (اسمين)! الذي لا وجود له في شيء من
كتب الرجال مما يؤكد جهالته، ولا بد أنهم وقفوا عنده وتساءلوا عنه - منا يقتضيه
البحث العلمي -، ولكنهم غضوا الطرف عنه وتجاهلوه، ولم يعلقوا عليه بشيء ينبئ القارئ عن اهتمامهم به أولاً، وعن رأيهم في وجوده في الإسناد وإعلاله إياه ثانياً.كل
ذلك لم يفعلوه، وتعاملوا مع الحديث كأن لا وجود له؛ فقووا إسناده! والله المستعان.
إن أخشى ما أخشاه أن يكونوا أخذوا بسوط شهرة القصة في كتب السيرة
والتاريخ والتراجم؛ فحال ذلك بينهم وبين الإفصاح عن العلة الظاهرة الجلية - كما
تقدم بيانه - حسب القواعد الحديثية. وليس بخاف على أحد من العارفين بهذا
العلم أنه لا تلازم بين الشهرة والصحة، فكم من أمور اشتهرت في بطون الكتب
وعلى ألسنة الناس هي غير ثابتة في النقد العلمي! والمرجع في ذلك كله إلى
العلم، ولا شيء بعد ذلك.
وقبل أن أمسك القلم عن جريانه ولا بد لي من التنبيه على أنه قد صح آخر
الحديث من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لعدي:
"هل رأيت الحيرة ... " إلى آخر الحديث.
أخرجه البخاري في "صحيحه" (3595) من طريق أخرى عن عدي نحوه.