القصة ليست بحث عن الحقيقة وإنما بحث عن شيء يضلون به الناس. ولولا ذاك لما افتعلوا الشبهات، ولما رددوها وقد طالعوا الرد عليها.
تآخي الكبائر:
الكبائر تتآخى، فلا تجد محترفاً للكذب فقط، وإنما إن تتبعت حال من اشتهر بكبيرة من الكبائر وجدت عنده أخواتٍ لها، فقوم لوط اشتهروا باللواط ولم تكن هذه مصيبتهم وحدها فقد كانوا قطاع طريق وأهل ظلم ومنكر قال تعالى: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ} العنكبوت29
ومثلهم أهل مدين ـ قوم شعيب عليه السلام ـ اشتهروا بتطفيف المكيال والميزان، ولم تكن هذه جريمتهم وحدها وإنما كانت لهم أخريات، قال تعالى على لسان نبيه شعيب: {وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} هود85
وحين النظر في حال هؤلاء الذين احترفوا الكذب نجد أنهم يقدمون أنفسهم كمبشرين بالنصرانية، وهم في تصوري كذبة لا يصدقون وخاصة حين يتكلمون على الإسلام ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وحين تتدق النظر في أحوالهم تجد أخريات من الكبائر بجوار الكذب على الله وعلى الناس. تجد النصب على الناس وأكل أموالهم بالباطل وصدق الله العظيم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} التوبة34، و تجد انحرافات خلقية تصل للشذوذ الجنسي وهذا مشهور معروف عن زكريا بطرس وعن عامة من يعملون معه، وقد نشرت تسجيلات مصورة ووثائق مكتوبة.
والمقصود أننا أمام من يريدون صرفنا عن الحق، لا من يريدون هدايتنا لحق. إن الداعي إلى الحق لا يكون من كذبة، لا يكون كل حديثه بالكذب .. دعاة الحق لا يخطئون ثم حين يبين لهم الناس خطأهم يعودون لما قالوا.
إن الدعوة للحق تكون بالأفعال قبل الأقوال، فالدعاة للحق رأوه وعرفوه تماماً فأحبوه وامتثلوه ثم راحوا ـ من حبهم لهذا الحق ـ يدعون الناس إليه ليسعدوا به كما سعدوا. وإن هؤلاء ليسوا كذلك. إنهم فقط يصدون الناس عن دين الله {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} الأنعام144، {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ} العنكبوت68
كان علي أن أنظر في حال من يدعونني للنصرانية، وحين نظرت في حالهم رفضت مقالهم ودينهم. إنني لعلمي بحال الداعين للنصرانية رفضت النصرانية.
مختلفون
فيما يتحدثون به عن ديننا مختلفون.!!
وفيما يتحدثون به عن دينهم مختلفون!!
وإن هذا الاختلاف أمارة على كذبهم، أو نتاج ما اتصفوا به من الكذب وسبب كاف للنفرة منهم ورفض حديثهم. ولك مثلاً أن ترصد ما تحدثوا به في قضية النبوة .. في تفسير نبوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تجد أقوالاً متضاربة أيا منها لا يصح واثنان منها لا يجتمعان، وكلهم يقول بها جميعاً أو بأغلبها. يقولون ساحر، ويقولون مجنون، ويقولون ينقل عن كتابات الأولين، ويقولون علمه أصحابه، ويقولون بل تعلم من زوجاته، ويقولون ويقولون. . . وهذه أقوال كاذبة في ذاتها لا دليل عليها .. كل أدلتهم من أقوالهم هم ينقل بعضهم عن بعض، أو بنصوص تم العبث وأقول يكفي فقط لتكذيب أقوالهم في النبوة والشريعة عموماً أن تجمعها بجوار بعضها، تجد كل واحدةٍ منها تكذب أختها، وكل واحدةٍ منها تشهد على المتحدث بها أنه كاذب وقد فصلت ذلك في كتابي عن زكريا بطرس.
وفيما يتحدثون به عن دينهم مختلفون، اختلاف تضاد، وليس اختلاف تنوع، فبلا أي تكلف نستطيع أن نقول أن كل قضية يقف فيها النصارى وجهاً لوجه ولا يقبل أي منهما الآخر.
الفداء مختلفون فيه، يطال الجميع أم فقط من قبلوا المسيح؟!
ومن قالوا بأنه يطال كل من قبلوا المسيح مخلصاً مختلفون هل يطال هل طائفتهم فقط أم البقية من الطوائف الأخرى؟؟
والمسيح ـ عليه السلام ـ نفسه مختلفون فيه: هل هو الله متجسداً؟ أم ابن الله؟ أم غير ذلك؟! كل ذلك وأكثر من ذلك موجود عندهم، وكل واحدٍ منهم لا يقبل الآخر ولا يرضى بقوله.
والكتاب .. كتابهم .. بعضهم يزيد فيه أسفاراً بأكملها وبعضهم ينقص منه أسفاراً بأكملها، وداخل الأسفار كثر عبثهم.
وحديثهم عن كَتَبَةِ الكتاب ينفر منه القريب قبل البعيد، وسآتي على ذلك بشيء من التفصيل. ما يعنيني هنا هو أن أنقل لك ـ أخي القارئ المشهد الذي وجدته حال النظر في هؤلاء .. كذبة مختلفون. فكيف أقبل بضاعتهم وكيف لا أرفض دينهم؟!
أترضى بالكذابين؟؟!!
أترضى بالمختلفين المتحادين؟؟!!
محمد جلال القصاص
رمضان 1431هـ
===========الهوامش========================
[1] ندرج في البحث جزء يتحدث عن سياق العداوة للرسل.
[2] الرحيق المختوم / 85
[3] شرحت هذا وبينته في كتاب (الكذاب اللئيم زكريا بطرس) حال حديثي عن مصادر الاستدلال عند زكريا بطرس.
[4] ضربت أمثلة على ذلك في كتاب زكريا بطرس انظر من ص إلى ص
[5] شرحت هذا وفصلته في كتاب (الكذاب اللئيم زكريا بطرس) في بات (شواهد وهو منشور على الشبكة ومطبوع.
[6] رصدت قولهم وفصلت في الرد عليه في فصل (أينا يعبد الجن؟!) في كتاب الكذاب اللئيم زكريا بطرس.