[أخاها يحب أن يرى الناس عمله الصالح بحجة الثناء على الجنازة ..]
ـ[أم ديالى]ــــــــ[15 - 08 - 10, 05:29 م]ـ
إحدى الأخوات تقول لي أخ على خير كثير وخلق عالٍ غير انه ليس طالب علم ولهذا يفهم الأمور بغير فهم صحيح .. فمثلا اذا عمل صالحا يحب ان يراه الناس بدعوى الجنازة التي مرت من امام الرسول صلى الله عليه وسلم فاثنى عليها خيرا .. ووجه ذلك عنده حتى إذا مات اثنى الناس عليه خيرا .. فتجده لا يقرأ القرآن إلا في المسجد .. ولا يصلي من النوافل مثل راتبة المغرب والظهر والعصر إلا في المسجد .. رغم انه يكون وقتها في البيت ..
وان حثته على قيام الليل يذكر لها القصة التي حصلت مع عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنها والرجل من اهل الجنة لسلامة صدره ..
هي تعلم ان النبي -صلى الله عليه وسلم اوصانا - بالخبيئة الصالحة فقال: "من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل صالح فليفعل".
فكيف تشرح لأخيها ذلك؟ وكيف تجيب عن استدلاله بقصة عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما؟
وأتمنى ان يكون الرد بأسلوب واضح وبسيط ..
وجزاكم الله خيرا ..
ـ[أم ديالى]ــــــــ[15 - 08 - 10, 05:31 م]ـ
سر العظماء
منذ ولادة هذه الأمة وقيامها على يد المؤسِّس العظيم مُنقذ البشريَّة - صلى الله عليه وسلم - وهي تنتج عظماء لا نظير لهم في باقي الأمم، حتى في زمن الضَّعف والعجز؛ وذلك لأنها تستند إلى منهج عظيم وتحمل رسالةً عظيمة.
عظمة هؤلاء تنبعث من عظمة دينهم، فلا غرابة أن يكونوا عظماء، ومما لا بد من قوله: أنه من الطبيعي أن يقلَّ عددُ العظماء، وينخفض مستواهم في زمن الضَّعف والبُعد عن الدِّين، وسيطرة الأعداء والأهواء.
وبالتتبُّع لسيرة عظماء الإسلام يلمس الباحث أن هناك سرًّا في حياتهم رفعهم إلى هذا المستوى، وكأنه قانون العظمة الذي لا بدَّ منه.
سرٌّ تجده في سيرة أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق، وعثمان، وعلي، وجملة الصحابة - رضي الله عنهم - وتجده عند سعيد بن المسيب، والزُّهري، وعمر بن عبدالعزيز، وأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وابن المبارك، والبخاري، ومسلم، وعماد الدين زنكي، وصلاح الدين الأيوبي، وقُطُز، وابن تيميَّة، وابن القَيِّم، إلى محمد بن عبدالوهاب، والشوكاني، وابن باديس، والبنَّا، والمودودي، وأحمد ياسين، والألباني، وابن باز، وإلى يوم الناس هذا - رحم الله الأولين والآخرين.
لو ذهبتَ تبحث عن هذا السرِّ، ستكون بمثابة مَن يبحث عن (إبرة في كوم قَش) في ليلٍ مظلم، ولكن من فضل الله أنك ستجد مَن سبقك واستطاع أن يعرف عن القوم - بعد أن انتقلت أرواحهم إلى باريها - من أقرب الناس إليهم، وممن عاشرهم وخالطهم وعاش معهم، فُدونت عنهم قرائن وعلامات قويَّة، والتي تدل على السرِّ وإن لم تصرِّح به.
والسرُّ لم يَعدْ سرًّا بعد أن امتلأت به الكتب وتناقلته الألسن، لكنه يبقى سرًّا بناءً على الأصل وعلى طبيعته؛ فهو عمل خفي، وجُهد لا يظهر للناس إلا في النادر، ولمن كان قريبًا من ساعة الحدث أو موقعه.
إن سرَّ أولئك العظماء أنه كان بينهم وبين الله - سبحانه وتعالى - خبيئةٌ وعملٌ خاص، وصلة لا يعرفها الآخرون: مِن صلاة أو قراءة أو صدقة أو ذِكْر أو خلوة أو دعاء أو مناجاة، أو معروف أو نفع للغير أو تقرُّب بقربة يحبها الله.
وأكثر سرٍّ يشترك فيه العظماء الحقيقيين، ويكاد أن يكون مُجمعًا عليه بينهم في هذه الأمة: هو قيام الليل، والعيش مع القرآن، تدبُّرًا وتأمُّلاً، وصلاةً وبكاءً.
إن العظمة كل العظمة أن تكون صلة المرء بالله قويَّة؛ فمنها يستمد قوته وحركته وتوفيقه، ومِن هنا كان الفرق بين كثير ممن يقومون بجهود متماثلة ومتساوية، فتجد القبول للبعض ولا تجده للبعض الآخر، والسرُّ أن المقبول لديه سر لا يعرفه الآخرون.
والروح لن تبقى منطلقة ولا فاعلة ما لم يكن لها تزوُّدٌ خاصٌّ بعيدًا عن أعين الخلق، تستقي منه حيويتها ورونقها وصفاءها، بل وقوَّتها ووقودها في ميدان الحياة.
فهل يفهم من يشنف أنفه نحو العظمة ويعرف الباب الصحيح للوصول؛ ? ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ? [المائدة: 54].
يقول إقبال - رحمه الله -: \"كُنْ مع مَن شئت في العلم والحكمة، ولكنك لا ترجع بطائل حتى تكون لك أنَّةٌ في السَّحَر\".
ـ[أم ديالى]ــــــــ[15 - 08 - 10, 05:33 م]ـ
¥