[معنى حديث:وهل تدري ما أحدثوا بعدك؟ للشيخ ابن عثيمين]
ـ[رعد السلفي]ــــــــ[19 - 08 - 10, 11:51 ص]ـ
كلام نفيس غاية في النفاسة للعلامة الفقيه ابن عثيمين:
ذكره عند رواية مسلم في تعليقه على صحيح مسلم:
والرواية:
(وليصدنّ عنّي طائفة منكم فلا يصلون،فأقول: يا رب هؤلاء من أصحابي، فيجيبني مَلَك فيقول:
وهل تدري ما أحدثوا بعدك؟!).
قال الشيخ العلامة ابن عثيمين-رحمه الله تعالى-:
((يقول:"طائفة منكم"،والطائفة أقلها ثلاثة،بل قيل: إن أقلها واحد، حتى قال بعض العلماء في قوله تعالى: {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين}، بأنه يكفي واحد في شهود إقامة حد الزنا على الزاني.
وقالوا: إنّ طائفة اسم فاعل من طاف يطوف إذا تردد، وهو صفة لموصوف محذوف تقديره: نفْسٌ طائفة،وعلى هذا فالواحد يكون طائفة؛ وإذا لم نسلم هذا القول فإن الثلاثة بلا شك تُسمّى طائفة؛ وهذه الثلاثة التي تُسمّى طائفة أخذ منها الرافضة أنّ جميع الصحابة هم الطائفة!،وأنهم كلهم يُصدُّون عن حوض النبي-صلى الله عليه الصلاة والسلام- -قاتلهم الله- إلا نفرا قليلا من آل البيت!!، ومن يرون أنهم يستحقون أن يكونوا من آل البيت حكما!
فيقال: لا شك أنه بعد موت النبي-صلى الله عليه وسلم- ارتدت طائفة من المؤمنين، ومنهم من مات على الردة،ورسول الله –صلى الله عليه وسلم- لا يعلم الغيب، وهؤلاء سوف يُصدُّون يوم القيامة عن حوض الرسول –عليه الصلاة والسلام- لأنهم ماتوا على الكفر، وقال الله تعالى: {ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}.
ولكن أتدرون ماذا يحصل من هذا القول الباطل الكذب من أن الصحابة كلهم ارتدوا إلا نفرا قليلا؟!!
إنه يستلزم ردَّ جميع الشريعة إلا ما جاءت عن طريق هؤلاء المستثنين،وإلا فكلها مردودة! لأنهم يقولون: كلهم ارتدوا عن دينهم –والعياذ بالله- والمرتد لا يقبل خبره، وفي هذا بيان لخطورة هذا المذهب وأنه لو قيل بلوازمه –وهي لازمة سواء قيل بها أم لم يقل بها- إذا قيل بذلك معناه: إبطال كل الشريعة التي جاءت من غير طرق هؤلاء!!
والحاصل:
أن هذا الحديث ليس فيه دليل على أن أكثر الصحابة مرتدون،وإنما فيه طائفة، وإذا قلنا: بأنّ أقلهم واحد فهو واحد؛ وإن قلنا: إن أقلهم ثلاثة فهم ثلاثة؛ وليكونوا عشرة! لكن هل الذين ارتدوا-أيضا- هل هم ممّن رسخوا في الإسلام؟!
أبدا، إن الذين رسخوا في الإسلام لم يرتدوا، بل الذين بايعوا تحت الشجرة ألف وأربعمائة كلهم لن يدخلوا النار، لقول النبي –صلى الله عليه وسلم-:
(إنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة)،ولقول الله تعالى:
{لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة}.
وكل الذين حضروا بدْرا فإنهم لن يدخلوا النار،لأن الله تعالى اطلع إلى أهل بدر وقال:
(اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم).
ومن هؤلاء الخلفاء الأربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي –رضي الله عنهم-،ومعلوم أنّ من الرافضة من يقول: إنّ أبا بكر وعمر ماتا على النفاق!! وإنهما مخلدان في نار جهنم-والعياذ بالله-.
فالحاصل: أنّ هذا الحديث ليس فيه متمسك للرافضة الذين يقولون: إنّ أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- ماتوا على الكفر إلا نفرا قليلا!!
بل نقول:
الطائفة معروفة في اللغة العربية، ونحن نخرج باليقين من بايعوا تحت الشجرة، ومن كانوا من أهل بدر، لأن خبر الله تعالى لا يدخله النسخ {لقد رضي الله عن المؤمنين}
وخبر النبي-صلى الله عليه وسلم- لا يدخله النسخ: (لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة).
وخبر النبي-صلى الله عليه وسلم- لا يدخله النسخ: (إن الله اطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم).
وقد نفذ ذلك النبي-صلى الله عليه وسلم- تطبيقا عمليا في قصة حاطب بن أبي بلتعة-رضي الله عنه- حين جسّ على رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لصالح قريش، فاستأذن عمر-رضي الله عنه- أو غيره من الصحابة، أن يضرب عنقه، فقال: لا، إن الله اطّلع إلى أهل بدر، فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)) اهـ.