تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فبين رحمه الله أن كل اجتماع عام يحدثه الناس ويعتادونه في زمان معين أو مكان معين أو هما معاً، فإنه عيد، كما أن كل أثر من الآثار القديمة أو الجديدة يحييه الناس ويرتادونه، فإنه يكون عيداً لهم.

" إذا تقرر هذا الأصل في مشابهتهم فنقول: موافقتهم في أعيادهم لا تجوز من طريقين:

الطريق الأول: أن هذا موافقة لأهل الكتاب فيما ليس في ديننا، ولا عادة سلفنا، فيكون فيه مفسدة موافقتهم، وفي تركه مصلحة مخالفتهم، حتى لو كان موافقتهم في ذلك أمراً اتفاقياً ليس مأخوذاً عنهم؛ لكان المشروع لنا مخالفتهم.

وأما الطريق الثاني: الخاص في نفس أعياد الكفار.

فالكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب قوله تعالى: چ وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ چ الفرقان: 72

قال مجاهد وغيره: " هو أعياد المشركين ".

وأما أعياد المشركين فجمعت الشبهة والشهوة وهي باطل إذ لا منفعة فيها في الدين , وما فيها من اللذة العاجلة: فعاقبتها إلى ألم , فصارت زوراً , وحضورها: شهودها , وإذا كان الله قد مدح ترك شهودها الذي هو مجرد الحضور , برؤية أو سماع , فكيف بالموافقة بما يزيد على ذلك , من العمل الذي هو عمل الزور , لا مجرد شهوده؟

وأما السنة: فروى أنس بن مالك t قال: قدم رسول الله r المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ((ما هذان اليومان؟)) قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله r: (( إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر)) [24] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn24) .

فهذا يقتضي ترك الجمع بينهما، لا سيما قوله: ((خيرا منهما)) يقتضي الاعتياض بما شرع لنا عما كان في الجاهلية.

وأيضا فإن ذينك اليومين الجاهليين قد ماتا في الإسلام، فلم يبق لهما أثر على عهد رسول الله r ولا عهد خلفائه، ولو لم يكن قد نهى الناس عن اللعب فيهما ونحوه مما كانوا يفعلونه، لكانوا قد بقوا على العادة؛ إذ العادات لا تغير إلا بمغير يزيلها لا سيما وطباع النساء والصبيان وكثير من الناس متشوقة إلى اليوم الذي يتخذونه عيداً للبطالة واللعب.

ولهذا قد يعجز كثير من الملوك والرؤساء عن نقل الناس عن عاداتهم في أعيادهم؛ لقوة مقتضيها من نفوسهم، وتوفر همم الجماهير على اتخاذها " [25] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn25)

وأما الإجماع "فقد اتفق الصحابة وسائر الفقهاء بعدهم أن أهل الذمة من أهل الكتاب لا يظهرون أعيادهم في دار الإسلام ........... فإذا كان المسلمون قد اتفقوا على منعهم من إظهارها فكيف يسوغ للمسلمين فعلها أو ليس فعل المسلم لها أشد من فعل الكافر لها مظهرا لها" [26] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn26).

فكيف إذا كان هذا العيد ديناً لهم؟

قال شيخ الإسلام:

" أعياد الكتابيين التي تتخذ دينا وعبادة أعظم تحريماً من عيد يتخذ لهواً ولعباً؛ لأن التعبد بما يسخطه الله ويكرهه أعظم من اقتضاء الشهوات بما حرمه ولهذا كان الشرك أعظم إثماً من الزنا ... وإذا كان الشارع قد حسم مادة أعياد أهل الأوثان خشية أن يتدنس المسلم بشيء من أمر الكفار ... فالخشية من تدنسه بأوضار [27] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn27) الكتابيين الباقين أشد، والنهي عنه أوكد، كيف وقد تقدم الخبر الصادق بسلوك طائفة من هذه الأمة سبيلهم [28] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn28) " .

يعني بذلك قول النبي r : (( لتتبعن سنن من كان قبلكم)) [29] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn29).

وأما عن تخصيص هذه الليلة في مشابهة النصارى، قال:

" لكن لما اختصت به هذه الأيام ونحوها من الأيام التي ليس لها خصوصية في دين الله وإنما خصوصها في الدين الباطل بل إنما أصل تخصيصها من دين الكافرين وتخصيصها بذلك فيه مشابهة لهم وليس لجاهل أن يعتقد أن بهذا تحصل المخالفة لهم كما في صوم يوم عاشوراء لأن ذلك فيما كان أصله مشروعا لنا وهم يفعلونه فإنا نخالفهم في وصفه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير