والجَاهِل الظَّالِم يُخَالِفُكَ بِلا حُجَّة، ويُكَفِّرُك أو يُبَدِّعُكَ بِلا حُجَّة، وذَنْبُكَ: رَغْبَتُكَ عَنْ طَريقَتِهِ الوَخِيمَة، وسِيرَتِهِ الذَّمِيمَة، فَلاَ تَغْترَّ بِكَثْرَةِ هَذا الضَّرْب، فَإنَّ الآلاَفَ المُؤلَّفَة مِنْهُمْ لاَ يُعْدَلُون بِشَخْصٍ وَاحِدٍ مِنْ أهْلِ العِلْمِ، والوَاحِد مِنْ أهْلِ العِلْمِ يَعْدِلُ بِمِلْءِ الأرْضِ مِنْهُم. [5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn5)
****************************
الفائدة السادسة: يا أبة إنّ هؤلاء أصحاب الحديثِ، ولا آمن أنْ يُغَلطوكَ!
قَالَ البَرذعيُّ: قُلْتُ لأبي زُرْعةَ: قُرّةُ بنُ حَبِيب تغير؟
فَقَالَ: نَعم، كُنّا أنكرناهُ بِأَخَرَةٍ، غَيرَ أنّه كَانَ لا يُحَدّثُ إلاّ مِنْ كِتابهِ، وَلا يُحَدّثُ حَتى يحضرَ ابنُهُ ثُمّ تَبسّمَ. فَقُلْتُ: لِمَ تَبسمتَ؟ قَالَ: أتيتُهُ ذَاتَ يومٍ، وَأبو حَاتم، فَقَرعنَا عَليهِ البابَ، واستأذنَا عَليهِ، فَدَنَا مِنْ البابِ ليفتحَ لنَا، فَإذا ابنتُه قدْ لَحِقت، وَقَالَتْ لهُ: يا أبه إنّ هؤلاء أصحاب الحديثِ، ولا آمن أنْ يُغَلطوكَ أو يُدْخِلُوا عَليكَ مَا ليسَ مِنْ حَدِيثكَ فَلا تخرجْ إليهم حَتى يجيء أخي - تعني عَلي بن قُرّة - فَقَالَ: لها أنا أحفظُ، فَلا أمكنهم ذاكَ فَقَالتْ: لستُ أدعكَ تخرج فإني لا آمنهم عليكَ، فَمَا زَالَ قُرّة يَجتهدُ وَيحتجُ عَليها في الخروجِ وَهي تمنعُهُ، وَتحتجُ عَليه في تركِ الخروجِ إلى أنْ يجيء عَلي بنُ قُرّة حَتى غَلَبت عَليهِ وَلمْ تَدعهُ، قَالَ أبو زُرْعةَ: فَانصرفنَا وَقَعدنَا حَتى وافى ابنُهُ عَلي قَالَ أبو زُرْعةَ: فَجَعَلتُ أعجبُ مِنْ صَرامتِهَا وَصيانتها أباها)
وفي قصة هذه البنت من الفوائد:
فقه هذه البنت، وَحُسْنُ معرفتها بخطرِ المُحَدّثين. فيا ليت شباب وفتيات المسلمين يلتفتون إلى مثل هذه السير الرائعة، وما فيها من فوائد تربوية فيعملوا بها.
وفي هذه القصة نكت علمية تتعلق بأحكام المختلطين، وكيفية معرفة النقاد لضبط الرواة واختبارهم، وجلالة أصحاب الحديث وهيبتهم في القلوب، وأنّ لهم حركة وأثراً في المجتمع. [6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn6)
****************************
الفائدة السابعة: عُنُقي أهونُ عِندي من زِرِّي
قَالَ أبو بكر بنُ أبي شيبة: لمَّا أنْ جاءتْ المحنة –محنة خلق القرآن-إلى الكوفة قَالَ لي أحمدُ بنُ يونس: ألق أبا نعيم فقلْ له، فلقيتُ أبا نُعَيم فقلتُ له، فَقَالَ: إنما هو ضربُ الأسياط، فلمّا أُدْخل أبو نُعَيم على الوالي ليمتحنه وعنده ابنُ أبي حنيفة وأحمدُ بنُ يونس وأبو غسان وعداد فأولُ مَنْ امتحن ابن أبي حنيفة فأجاب، ثم عَطَفَ على أبي نُعَيم فقيل له، فَقَالَ: أدركتُ الكوفة وبها أكثر من سبعمائة شيخ الأعمش فما دونه يقولون: القرآنُ كلامُ اللهِ، وعنقي أهونُ عِندي مِنْ زِرِّي هذا، ثم أخذ زرهُ فَقَطَعه، فَقَامَ إليهِ أحمدُ بنُ يونس فَقَبّلَ رأسَهُ، وكَانَ بينهما شحناء، وقَالَ: جزاكَ الله مِنْ شيخ. [7] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn7)
****************************
الفائدة الثامنة: احذر كتب أهل البدع
مِنْ رَوائعِ كلامِ أبي زرعه مَا نقلهُ البَرذعيُّ قَالَ:شَهدتُ أبَا زُرْعةَ - وَسُئلَ عَنْ الحارثِ المُحَاسِبيّ وَكُتُبِهِ - فَقَالَ لِلسائلِ: إيّاكَ وَهذهِ الكُتُب!، هذِهِ كُتُبُ بِدعٍ وَضَلالات، عَليكَ بالأثرِ فَإنّكَ تجدُ فيهِ مَا يُغْنيكَ عَنْ هذِهِ الكُتُب.
قيلَ لَهُ: في هذِهِ الكُتُب عِبْرةٌ؟
قَالَ: مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ في كتابِ اللهِ عِبْرة فَليسَ لَهُ في هذِهِ الكُتُب عِبْرةٌ، بَلَغَكُمْ أنَّ مَالكَ بنَ أنس، وَسُفيانَ الثّوريّ، وَالأوزاعيّ، وَالأئمةَ المُتقدّمينَ صَنّفوا هذهِ الكُتُب في الخَطَراتِ وَالوَسَاوس، وَهذهِ الأشياء، هؤلاء قومٌ خَالفوا أهلَ العلمِ، يأتونا مَرةً بالحارثِ المُحَاسِبيّ، ومَرةً بعبد الرحيم الدَّيبلي، ومَرةً بحَاتم الأصمّ، وَمَرةً بشقيق ثم قَالَ: مَا أَسْرعَ النَّاسَ إلى البِدّعِ!.
¥