الشَّرَائِع الْكُلِّيَّات , كَمَا اِتَّفَقَ لِلْخَضِرِ , فَإِنَّهُ اِسْتَغْنَى بِمَا يَنْجَلِي لَهُ مِنْ تِلْكَ الْعُلُوم عَمَّا كَانَ عِنْد مُوسَى , وَيُؤَيِّدهُ الْحَدِيث الْمَشْهُور: " اِسْتَفْتِ قَلْبك وَإِنْ أَفْتَوْك ".
قَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَهَذَا الْقَوْل زَنْدَقَة وَكُفْر ; لِأَنَّهُ إِنْكَار لِمَا عُلِمَ مِنْ الشَّرَائِع , فَإِنَّ اللَّه قَدْ أَجْرَى سُنَّته وَأَنْفَذَ كَلِمَته بِأَنَّ أَحْكَامه لَا تُعْلَم إِلَّا بِوَاسِطَةِ رُسُله السُّفَرَاء بَيْنه وَبَيْن خَلْقه الْمُبَيِّنِينَ لِشَرَائِعِهِ وَأَحْكَامه , كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى: (اللَّه يَصْطَفِي مِنْ الْمَلَائِكَة رُسُلًا وَمِنْ النَّاس) وَقَالَ: (اللَّه أَعْلَم حَيْثُ يَجْعَل رِسَالَاته) وَأَمَرَ بِطَاعَتِهِمْ فِي كُلّ مَا جَاءُوا بِهِ , وَحَثَّ عَلَى طَاعَتهمْ وَالتَّمَسُّك بِمَا أَمَرُوا بِهِ فَإِنَّ فِيهِ الْهُدَى. وَقَدْ حَصَلَ الْعِلْم الْيَقِين وَإِجْمَاع السَّلَف عَلَى ذَلِكَ , فَمَنْ اِدَّعَى أَنَّ هُنَاكَ طَرِيقًا أُخْرَى يَعْرِف بِهَا أَمْرَهُ وَنَهْيه غَيْر الطُّرُق الَّتِي جَاءَتْ بِهَا الرُّسُل يَسْتَغْنِي بِهَا عَنْ الرَّسُول فَهُوَ كَافِر يُقْتَل وَلَا يُسْتَتَاب. قَالَ: وَهِيَ دَعْوَى تَسْتَلْزِم إِثْبَات نُبُوَّة بَعْد نَبِيّنَا ; لِأَنَّ مَنْ قَالَ إِنَّهُ يَأْخُذ عَنْ قَلْبه لِأَنَّ الَّذِي يَقَع فِيهِ هُوَ حُكْم اللَّه وَأَنَّهُ يَعْمَل بِمُقْتَضَاهُ مِنْ غَيْر حَاجَة مِنْهُ إِلَى كِتَاب وَلَا سُنَّة فَقَدْ أَثْبَتَ لِنَفْسِهِ خَاصَّة النُّبُوَّة كَمَا قَالَ نَبِيّنَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ رُوح الْقُدُس نَفَثَ فِي رُوعِي ". قَالَ: وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ بَعْضهمْ أَنَّهُ قَالَ: أَنَا لَا آخُذ عَنْ الْمَوْتَى , وَإِنَّمَا آخُذ عَنْ الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت. وَكَذَا قَالَ آخَر: أَنَا آخُذ عَنْ قَلْبِي عَنْ رَبِّي. وَكُلّ ذَلِكَ كُفْر بِاتِّفَاقِ أَهْل الشَّرَائِع , وَنَسْأَل اللَّه الْهِدَايَة وَالتَّوْفِيق.
وَقَالَ غَيْره: مَنْ اِسْتَدَلَّ بِقِصَّةِ الْخَضِر عَلَى أَنَّ الْوَلِيّ يَجُوز أَنْ يَطَّلِع مِنْ خَفَايَا الْأُمُور عَلَى مَا يُخَالِف الشَّرِيعَة وَيَجُوز لَهُ فِعْله فَقَدْ ضَلَّ , وَلَيْسَ مَا تَمَسَّكَ بِهِ صَحِيحًا , فَإِنَّ الَّذِي فَعَلَهُ الْخَضِر لَيْسَ فِي شَيْء مِنْهُ مَا يُنَاقِض الشَّرْع , فَإِنَّ نَقْض لَوْح مِنْ أَلْوَاح السَّفِينَة لِدَفْعِ الظَّالِم عَنْ غَصْبهَا ثُمَّ إِذَا تَرَكَهَا أُعِيدَ اللَّوْح جَائِز شَرْعًا وَعَقْلًا ; وَلَكِنَّ مُبَادَرَة مُوسَى بِالْإِنْكَارِ بِحَسَبِ الظَّاهِر. وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ وَاضِحًا فِي رِوَايَة أَبِي إِسْحَاق الَّتِي أَخْرَجَهَا مُسْلِم وَلَفْظه: فَإِذَا جَاءَ الَّذِي يُسَخِّرهَا فَوَجَدَهَا مُنْخَرِقَة تَجَاوَزَهَا فَأُصْلِحهَا. فَيُسْتَفَاد مِنْهُ وُجُوب التَّأَنِّي عَنْ الْإِنْكَار فِي الْمُحْتَمَلَات. وَأَمَّا قَتْله الْغُلَام فَلَعَلَّهُ كَانَ فِي تِلْكَ الشَّرِيعَة. وَأَمَّا إِقَامَة الْجِدَار فَمِنْ بَاب مُقَابَلَة الْإِسَاءَة بِالْإِحْسَانِ. وَاَللَّه أَعْلَم.ا. هـ.
ولعل الإخوة في المنتدى يضيفون ما لديهم، جزاهم الله خيرا.
ـ[حيزوم]ــــــــ[26 - 04 - 03, 12:38 ص]ـ
جزاكم الله خيراً أخى الكريم
اذا الحديث ضعيف
فلا ألتفت للبحث عن معناه والمستفاد منه فى تحكيم القلب
أم أن هناك قول آخر
لعل أحد الخوة يفيدنا فى هذا الموضوع
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[16 - 04 - 07, 10:03 م]ـ
يرفع للفائدة
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[16 - 04 - 07, 11:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
مسألة استفتاء القلب والعمل بالإلهام مسألة أصولية معروفة ذكرت ضمن الأدلة المختلف فيها أو الأدلة الاستثنائية كما يسميها البعض وقد وقع فيها خلاف مشهور على ثلاثة أقوال:
القول الأول: الإلهام ليس بحجة مطلقاً وبه قال ابن حزم وبعض الحنفية كابن الهمام وبعض الشافعية كالقفال الشاشي وابن السبكي وغيرهم.
القول الثاني: أنه حجة مطلقاً وهو قول بعض الصوفية وبعض الشيعة.
القول الثالث: انه حجة في حق الشخص المُلْهَم نفسِه ولا يتعدى إلى غيره بفتيا أو غيرها إلا أن هذا وفق شروط وضوابط معينة وهو قول عامة أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة واختاره ابن تيمية وابن القيم والشاطبي.
ومن هذه الضوابط:
1 / أن يكون ذلك عند تعارض الأدلة ولا مرجح أو عند عدم الأدلة مطلقاً.
2 / أن لا يعارض ذلك الكتاب والسنة.
3 / أن يتوافق ذلك مع مقاصد الشرع.
4 / أن يكون في أمر مشروع فيخرج بهذا ما يفعله الكهان ومدعي الكشف ...
5 / أن يكون الشخص ممن عرف بالعلم والتقوى.
ويمكن الرجوع إلى ما ذكره أهل العلم في ذلك في:
مجموع فتاوى ابن تيمية (10/ 472) (11/ 65، 343) (13/ 68، 245) (20/ 42)
مدارج السالكين (1/ 69) الموافقات للشاطبي (1/ 146) (2/ 119، 415، 438) تيسير التحرير (4/ 185) فواتح الرحموت (2/ 371) كشف الأسرار للنسفي (2/ 856) البحر المحيط للزركشي (6/ 103) الإحكام للآمدي (4/ 233) جمع الجوامع (2/ 398) العدة لأبي يعلى (4/ 1248) شرح الكوكب المنير (1/ 330) الإحكام لابن حزم (1/ 40) الأدلة الاستثنائية عند الأصوليين لأبي قدامة أشرف الكناني _ وهو من أجود ما كتب في الإلهام _ (ص 85 - 210) الاستدلال عند الأصوليين د. العميريني (ص 227)