تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما أولئك السلف الأبرارفعنايتهم بالرواية والرجال راجعة كلها إلى الجرح والتعديل الذين هما أساس الاطمئنان إلى الرواية، وقد تعبوا في ذلك واسترحنا؛ وما قولكم -دام فضلكم -لو فرضنا أن محدث القرن الرابع عشر ومسندَه عبد الحي عُرضَ بعُجَره وبُجَره على أحمد بن حنبل، أو على يحي بن معين، أو عليّ بن المديني، أو على من بعدهم من نقَّاد الرجال الذين كانوا يجرحون بلحظة، ويسقطون العدالة بغمزة في العقيدة،أو نَبْزَة في سيرة، أو بغير ذلك مما يُعَدُّ في جنب عبد الحيّ حسنات وقُرُبات -فماذا نراهم يقولون فيه؟ وبماذا يحكمون عليه؟ خصوصا إذا عاملوه بقاعدة (الجرح لا يُقبَل إلا مفسَّرًا).

وبعدُ (فقد أطال ثنائي طول لابسه) فليعذرنا عبد الحي؛ ووالله ما بيننا وبينه تِرَةٌ ولا حسيفة؛ ووالله ما في أنفسنا عليه حقد ولا ضغينة؛ ووالله لوددنا لو كان غيرَ من كان،فكان لقومه لا عليهم، وإذاً لأفاد هذا الشمال بالكنوز النبوية التي يحفظ متونها، ونفع هذا الجيل الباحث الناهض المتطلع بخزانته العامرة، وكان رُوّاد داره تلامذةً يتخرجون، لا سُيَّاحاً يتفرَّجون؛ وعلماء يتباحثون، لا عوامَّ يتعابثون، ولكنه خرج عن طوره في نصر الضلال فخرجنا عن عادتنا من الصبر والأناة في نصر الحق؛ وجاء يُؤَلِّبُ طائفة من الأمة على مصالح الأمة، فهاج الأمة كلها، وهاج معها هذا القلم الذي يمج السمام المُنقَع، فنفثت هذه الجُمل، وفي كل جملة،حَملة، وفي كل فقرة، نقرة؛ فإن عاد بالتوبة، عدنا بالصفح؛ وإن زاد في الحَوْبَة، عدنا على هذا بالشرح؛ ولعل هذا الأسبوع هو أبرك الأسابيع على الشيخ، فقد أملينا فيه مجالس في مناقبه جاءت في كُتَيّب، سميناه -بعد الوضع- (نشر الطيّ، من أعمال عبد الحي) فإن تاب َوأَدْناهُ، ووفيناه بما وعدناه، وإلا عممناه بالرواية، وأذنّا لعبد الحي في روايته عنا للتبرك واتصال السند؛ وهو أعلم الناس بجواز رواية الأكابر عن الأصاغر. اهـ.

كتبه: أبو أويس.

من كتاب:عيون البصائر (مجموع المقالات التي كتبها):تأليف العلامة:محمد البشير إبراهيمي، صفحة (607إلى618).طبعة:المكتبة الاسلامية -القاهرة (2007).وقبل ذلك نشر في العدد 33 من جريدة البصائر سنة:1948.

منقول للفائدة. http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=3220

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير