تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد دخل سفيان وابن المبارك على أم حسان الكوفية -وكانت ذات اجتهاد وعبادة- فلم يروا في بيتها شيئاً سوى قطعة حصير خَلِق، فقال لها الثوري: لو كتبت رقعة إلى بعض أعمامك فيغيروا من سوء حالك؟! فقالت: يا سفيان: قد كنت في عيني أعظم، وفي قلبي أكبر منذ ساعتك هذه، إني ما أسأل الدنيا من يقدر عليها ويملكها ويحكم فيها، فكيف أسأل من لا يقدر عليها ولا يقضي ولا يحكم فيها؟ يا سفيان، والله ما أحب أن يأتي عليَّ وقت وأنا متشاغلة فيه عن الله تعالى بغير الله، فبكى سفيان ([6] ( http://www.khaledalsabt.com/ref/media/264#_ftn7)).

وجاء في ترجمة محمد بن أبي محمد بن أبي المعالي -الذي أقرأ ستين سنة- أنه كان يُقرئ احتساباً لله تعالى ولا يأخذ من أحد شيئاً، ويأكل من كسب يده ([7] ( http://www.khaledalsabt.com/ref/media/264#_ftn8)).

إذ الشأن كما قال الفضيل -رحمه الله-: ينبغي لحامل القرآن أن لا تكون له حاجة إلى أحد من الخلق -إلى الخليفة فمن دونه- وينبغي أن تكون حوائج الخلق إليه ([8] ( http://www.khaledalsabt.com/ref/media/264#_ftn9)).

وقد أنكر حذيفة المرعشي على يوسف بن أسباط حيث وضع له بائع اللبن بعض الثمن لكونه من أهل القرآن ([9] ( http://www.khaledalsabt.com/ref/media/264#_ftn10)).

وهكذا يكون صاحب القرآن والداعية إلى الله تعالى مع احتسابه وزهده مدركاً لعظم المسؤولية المنوطة به، وذلك أن حامل القرآن -كما قال الفضيل- حامل راية الإسلام، فلا ينبغي له أن يلغو مع من يلغو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلهو مع من يلهو ([10] ( http://www.khaledalsabt.com/ref/media/264#_ftn11))، وإنما يجعل القرآن ربيع قلبه فيتخلق بأخلاقه، فتكون التقوى صفة راسخة له، والورع حاجزاً بينه وبين كل مرذول من الأقوال والأعمال، فيكون مقبلاً على شأنه، حافظاً للسانه، غير مشتغل بما لا يعنيه منقياً قلبه من كل دنس؛ ليكون محلاً صالحاً لفهم القرآن.

وقد قال شيخ الإسلام وغيره تعليقاً على قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة))، وكذلك القلوب إذا كانت تحمل أخلاق الكلاب فإن الملائكة لا تدخلها بالمعاني الطيبة.

وبالجملة فإن الداعية إلى الصراط المستقيم إنما يكون خلقه القرآن، فيظهر ذلك في حاله مع نفسه، ومع ربه، ومع إخوانه المؤمنين ([11] ( http://www.khaledalsabt.com/ref/media/264#_ftn12)).

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير