صَدقَ من ْ قال بأن (الحب َ عذاب)!!!
ـ[موسى الغنامي]ــــــــ[14 - 09 - 10, 03:59 ص]ـ
الحمد لله
والصلاة والسلام على رسول الله
وعلى آله وصحبه ومن والاه ,,,, أما بعد
قال ابن القيم – رحمه الله -: " ولا تنس العناية بالسحرة (سحرة فرعون) , جاءوا يحاربونه ويحاربون رسله , وخلع الصلح قد فصلت , وتيجان الرضى قد وضعت , وشراب الوصال مروق , فمدوا أيديهم إلى ما اعتصروا من خمر الهوى فإذا بها قد انقلبت خلا , فأقطروا عليه فسكروا بشراب المحبة فلما عربدت عليهم المحبة صلبوا في جذوع النخل!!! واعجبا لعزمات ما ثناها " لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف "!! سجدوا له سجدة واحدة فما رفعوا رؤوسهم حتى رأوا منازلهم من الجنة فغلبهم الوجد وتمكن منهم الشوق فقالوا " اقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا ". بدائع الفوائد 4/ 333.
راسلني أحد الأخوة قبل فترة وشكى لي حاله وما يجد وأنه مُنع من الزواج ممن يريدها وتريده بحجج لم ينزل الله بها من سلطان من عادات وأعراف , فذكّرته بالله وأحسنتُ نصحه فيما أحسب.
وبعدها بأيام التقيت بأحد الأخوة من طلبة العلم ودار نقاش في مضامين هذا الموضوع فأوردت له استشهادات علمية وأدبية في هذا الباب , فألحّ عليّ بأن أكتب موضوعا في هذا , فواعدته خيرا وفي قرارة ِ نفسي أن لا أجيبه!!
مضت الأيام فاتصل بي من لو قال أمر , وإذا أشار أختار حبا وكرامة له , فحدثته عن صاحبنا الأول , فتأسف لحاله ثم قال: لما لا تكتب في هذا الأمر؟ فقلت: سأكتب بإذن الله لكن بعد رمضان إن كان في العمر بقية.
أيها الأخوة المباركون
إن الله تبارك وتقدس خلق الإنسان وركّبه وجَبَلَه على أمور ٍ لا ينفّك عنها بحال , مهما أدعى خلافها أو تبرأ منها , ومما جَبَله عليه (الحب) , فلا ينفك جسدٌ من حبٍ سواء عظُم أو صغر.
أيها الأحبة
أتعلمون ما الحب؟
هذه الكلمة الصغيرة التي لا تتجاوز الحرفين , والتي تحمل في طيّ هذين الحرفين أسرارٌ وأحاديث ووقائع , وتاريخ طويل بطول الدنيا بأسرها , وتاريخ هذه الكلمة على شقين:
شقٌ ناصع البياض لا تدنسه معصية.
وشق قاتمٌ كالحٌ صار وصمة ذل على جبين الدهر.
فهل تعلمون كلمة بهذا الصِغَر التركيبي تحمل هذا العظم الأسطوري!!!
إن لم تعلموا فأقول لكم إنها كلمة (الحب)!!!
فكم من أسير وقتيل وجريح وسليب لهذا الحب , وكم من مسرور وهانئ وسعيد بهذا الحب!!!
هذا الحب الذي كان سببا ً في سفكِ أول دم ٍ على هذه البسيطة بغير حق , حينما قتل قابيل أخاه هابيل!!
هذا الحب الذي جعل النمرود تتعلق نفسه بامرأة أحد رعيته وقد جمع الله له في بلاطه جميلات الدنيا , فكان هلاكه وزوال ملكه بهذا!!
هذا الحب الذي جعل امرأة العزيز يتعلق قلبها بمملوكها يوسف عليه السلام وهي في بيت الرياسة والحكم وزوجة عزيز مصر!!
هذا الحب الذي مَسَخَ الله به إساف ونائلة إلى صنمين بعد أن كانا رجلٌ وامرأة!!
هذا الحب الذي جعل عِمَارة بن الوليد يتجرأ على بلاط النجاشي بتعرضه لزوجته , فسحره النجاشي حتى هام في البريّة بلا عقل!!
هذا الحب الذي جعل يزيد بن عبد الملك ينصرف عن الخلافة وأمور المسلمين إلى الجارية (حبّابة) حتى يوم ماتت لم يدفنها وأبقاها عنده يبكي على رأسها حتى أنتنت جيفتها بعد ثلاث!!
هذا الحب الذي دخل على خلفاء الدولة العباسية وجعل كل خليفةٍ يستوزر من أقارب محبوبته ويدع بني عمومته حتى صارت دولتهم شذر مذر!!
هذا الحب الذي سطى وعصف بالخلافة العثمانية!!
هذا الحب الذي أبكى امرؤ القيس بن حِجْر حينما شاهد طلل محبوبته فقال:
قفا نبكِ من ذكرى حبيب ٍ ومنزل. بسقط اللوى بين الدخول فحوملِ
كأني غداة البيْن يوم تحمّلوا ... لدى سمراتِ الحي ناقف حنظلِ
وقوفاً بها صحبي عليّ مُطيهم ... يقولون لا تهلك أسى وتجمّلِ
وإن شفائي عبرة مهراقة ... فهل عند رسم ٍ دارس ٍ من معولِ!!!
هذا الحب الذي جعل عنترة العبسي يذكر معشوقته في أحلك الظروف وأصعب المواقف , ويتمنى أيضا في هذا الوقت حيث يقول:
ولقد ذكرتكِ والرماح نواهلٌ ... مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لأنها ... لمعت كبارق ثغرك المتبسمِ
لما رأيت القوم أقبل جمعهم ... يتذامرون كررت غير مذممِ
يدعون عنتر والرماح كأنها ... أشطان بئر في لبنان الأدهمِ!!!
¥