لما في قذفهن من الطعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيبه، فإن قذف المرأة أذى لزوجها، كما هو أذى لابنها؛ لأنه نسبة له إلى الدياثة وإظهار لفساد فراشه، فإن زنا امرأته يؤذيه أذى عظيمًا ... ............... وفي جانب النبي صلى الله عليه وسلم أذي، كقذفه، ومن يقصد عيب النبي صلى الله عليه وسلم بعيب أزواجه فهو منافق، وهذا معني قول ابن عباس: اللعنة في المنافقين عامة ....... "
(الفتاوى 15/ 360)
وقال الإمام النووي- رحمه الله تعالى - في صدد تعداده الفوائد التي اشتمل عليها حديث الإفك:
"الحادية والأربعون: براءة عائشة رضي الله عنها من الإفك وهي براءة قطعية بنص القرآن العزيز، فلو تشكك فيها إنسان والعياذ بالله صار كافراً مرتداً بإجماع المسلمين ..... "
(شرح النووي على صحيح مسلم 17/ 116.)
قال الإمام ابن كثير – رحمه الله تعالى -:
((وقد اجمع العلماء رحمهم الله قاطبة على أن من سبها بعد هذا ورماها به بعد هذا الذي ذكر في هذه الآية، فإنه يكفر، لأنه معاند للقرآن)).
(راجع تفسيره عند قوله تعالى {إن الذين يرمون المحصنات. . .}).
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: " ومن يقذف الطاهرة الطيبة أم المؤمنين زوجة رسول رب العالمين - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا والآخرة كما صح ذلك عنه فهو من ضرب عبد الله بن أبي سلول رأس المنافقين ..... "
(رسالة في الرد على الرافضة 1/ 25 - ضمن مؤلفات الشيخ ج11)
قال ابن عثيمين – رحمه الله – " ..... أجمع العلماء على أن من رمى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بما جاء في حديث الإفك فإنه كافر مرتد كالذي يسجد للصنم فإن تاب وأكذب نفسه وإلا قتل كافرا لأنه كذب القرآن.
على أن الصحيح أن من رمى زوجة من زوجات الرسول- صلى الله عليه وسلم- بمثل هذا فإنه كافر لأنه متنقص لرسول الله صلى الله عليه وسلم كل من رمى زوجة من زوجات الرسول بما برأ الله منه عائشة فإنه يكون كافرا مرتدا يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل بالسيف وألقيت جيفته في حفرة من الأرض بدون تغسيل ولا تكفين ولا صلاة لأن الأمر خطير
(انظر شرح رياض الصالحين 3/ 13)
وقال أيضاً – رحمه الله تعالى – " ...... وذلك أن من رمى زوجات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو واحدة مِنهنَّ سواء كانت عائشة أو غيرها فإنه كافر مرتد خارج عن الإسلام ولو صلى وصام ولو حج واعتمر لأنه إذا قذف زوجات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فالزانية خبيثة بلا شك وقد قال الله تعالى (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ) وإذا كانت خبيثة وزوجها محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لزم من ذلك أن يكون الرسول وحشاه خبيثاً وعلى هذا يكون قذف واحدة من أمهات المؤمنين كفراً وردة فإذا تاب الإنسان من ذلك قبل الله توبته ولكن يجب أن يقتل للأخذ بالثأر لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لا يمكن للمؤمن أن يرضى أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجاً للعاهرات فلنا الحق في أن نقتله لأن هذا حق رسولنا صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا نعلم أنه عفى وخلاصة ذلك أن الذين قالوا إن من قذف زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم لا توبة له يريدون بذلك أنه لا يرتفع عنه القتل ولا يريدون أن الله تعالى لا يعفو عنه فإن الله تعالى يقبل توبة كل تائب وإذا أردت أن تعرف مدى عظم قذف إحدى زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم بالزنى فانظر ماذا أنزل الله تعالى في الذين جاءوا بالإفك من الآيات العظيمة التي هي كالصواعق على من جاء بالإفك انظر إلى قوله تعالى (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) يتبين لك مدى عظم قذف زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام بالزنى فنسأل الله تعالى أن يبتر لسان مَنْ قذف إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم بالزنى وأن يسلط عليه من يقيم عليه الحد إنه على كل شيء قدير.
(فتاوى نور على الدرب 6/ 239)
وفي هذا القدر كفاية ... وأختم بكلام الإمام ابن كثير – رحمه الله تعالى –
في قول الله تعالى" الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ " (النور: 26)
قال رحمه الله تعالى -: (( ........ أي ما كان الله ليجعل عائشة زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهي طيبة، لأنه أطيب من كل طيب من البشر، ولو كانت خبيثة لما صلحت له شرعا ولا قدرا، ولهذا قال تعالى" أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ " أي عما يقوله أهل الإفك والعدوان)).
(انظر تفسيره 3/ 278)
أسأل الله تعالى أن ينفع بما تقدم إخواني وأخواتي , وأن يجعل هذا العمل خالصاً له سبحانه ذاباً بهذا القدر اليسير عن أمي – رضي الله تعالى عنها - , إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير وهو حسبنا ونعم الوكيل.
جمعه
أبوسعد الأثري
عفا الله عنه
[email protected] ([email protected])