مقال جديد لفضيلة الشيخ ذياب الغامدي بعنوان: تَوْرِيْقُ المِنَّةِ لحُفَّاظِ السُّنَّةِ
ـ[عبدالرحمن الوادي]ــــــــ[16 - 09 - 10, 08:08 ص]ـ
تَوْرِيْقُ المِِنَّةِ
لحُفَّاظِ السُّنَّةِ
(نَصِيْحَتِي لابْني في حِفْظِ كُتُبِ السُّنَّةِ)
تَألِيْفُ
ذِيابُ بنُ سَعد آل حَمْدانَ الغامديُّ
الحَمْدُ لله رَبِّ العَالمِيْنَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على عَبْدِهِ ورَسُوْلِهِ الأمِيْنِ، وعَلى آلِهِ وأصْحَابِهِ الغُرِّ المَيَامِيْنَ، وعلى مَنْ تَبِعَهُم بإحْسَانٍ إلى يَوْمِ الدِّيْنِ.
أمَّا بَعْدُ:
فَهَذِهِ بَصَائِرُ عِلمِيَّةٌ وصُوَىً في طَرِيْقِ العِلمِ لِمَنْ رَامَ حِفْظَ السُّنَّةِ، قَدْ سَألَنِي إيَّاهَا كَثِيْرٌ مِنْ طُلَّابِ العِلمِ مَنْ مُحِبِّي السُنَّةِ والأثَرِ، مِمَّنْ تَاقَتْ نُفُوْسُهُم لِحِفْظِ دَوَاوِيْنِ السُّنَّةِ؛ ابْتِدَاءً بِالصَّحِيْحَيْنِ، ومُرُوْرًا بِالسُّنَنِ الأرْبَعِ، وانْتِهَاءً بِالمُوَطَّإ والمُسْنَدِ الأحْمَدِي.
فَكَانَ مِنَ حَدِيِثِهِم أنَّهُمْ يَجِدُوْنَ عَوَائِقَ في حِفْظِ «الصَّحِيْحَيْنِ»، و «السُّنَنِ الأرْبَعِ»، الأمْرُ الَّذِي أعْيَاهُم مِنْ مُدَافَعَتِهِ، وأوْقَفَهُمْ عَنْ مُتَابَعَتِهِ؛ حَيْثُ ثَقُلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ في الحِفْظِ، وطَالَ بِهِمُ الطَّرِيْقُ وعَسُرَ، فَعِنْدَهَا تَحَمَّضَتْ نُفُوْسُ بَعْضِهِمْ مِنَ الكَرِّ بَعْدَ الفَرِّ، ومِنَ العَوْدِ بَعْدَ القُرِّ!
فَكَانَ غَايَةَ مَا عِنْدِي نَحْوَ مَا سَألُوْا: جَوَابَاتٌ مُخْتَصَرَةٌ، ومُنَاصَحَاتٌ مُعْتَصَرَةٌ، فَرَضَتْهَا الأمَانَةُ العِلمِيَّةُ، والنَّصِيْحَةُ الإيْمَانِيَّةُ في تَبْلِيْغِ العِلْمِ ونَشْرِهِ.
غَيْرَ أنَّي لمَّا رَأيْتُ الأسْئِلَةَ في تَكَاثُرٍ وازْدِيَادٍ، وطُلَّابَ السُّنَّةِ في إقْبَالٍ وارْتِيَادٍ، رَأيْتُ مِنْ حَقِّ عَامَّةِ طُلَّابِ العِلْمِ عَلَيْنَا أنْ نَرْسُمَ لَهُم طَرِيْقًا مُخْتَصَرًا في حِفْظِ «الصَّحِيْحَيْنِ» و «السُّنَنِ الأرْبَعِ»؛ كَي يَقْرُبَ لَهُمُ البَعِيْدُ، ويَسْهُلَ عَلَيْهِم العَصِيْبُ، فَكَانَتْ مِنِّي هَذِهِ المَنَارَاتُ العِلْمِيَّةُ، والتَّوْجِيْهَاتُ العَشَرَةُ على اخْتِصَارٍ كَمَا أمْلَاهُ الخَاطِرُ المَكْدُوْدُ، تَحْتَ عِنْوَانِ: «تَوْرِيْقِ المِنَّةِ لحُفَّاظِ السُّنَّةِ»، ومَا تَوْفِيْقِي إلَّا باللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلتُ وإلَيْهِ أُنِيْبُ.
ووَرَّقْتِ الشَّجَرَةُ، أيْ: أخْرَجَتْ وَرَقَهَا، والمُرَادُ هُنَا: إخْرَاجُ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ فَضْلَهَا ومِنَّتَهَا على حُفَّاظِهَا مِنْ طُلَّابِ العِلْمِ.
* * *
وَقَبْلَ أنْ أجُرَّ القَلَمَ فِيْ تَرْسِيْمِ طُرُقِ حِفْظِ السُّنَّةِ، أحْبَبْتُ أنْ أذْكُرَ أمْرًا مُهِمًّا جَدَّا، أحْسِبُهُ مِنْ مُوْجِبَاتِ التَّذْكِيْرِ والنَّصِيْحَةِ لِعَامَّةِ طُلَّابِ العِلْمَ هَذِهِ الأيَّامَ.
وهُوَ مَا تَرَكَتْهُ أثْوَابُ الأمَاني، ومَا كَسِبَتْهُ مَعَاقِدُ العُهُوْدِ عِنْدَ طَائِفَةٍ مِنْ طُلَّابِ العِلْمِ مِمَّنْ تَظَاهَرَ لهُمُ الشَّيْطَانُ بالنَّصِيْحَةِ بِمَا يَعِدُهُم ويُمَنِّيْهِم، «ومَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إلَّا غُرُوْرًا» [النساء: 120]!
حَيْثُ أخَذُوْا عَهْدًا على أنْفُسِهِمْ: بِأنَّهُم سَوْفَ يَحْفَظُوْنَ كُتُبَ السُّنَّةِ ابْتِدَاءً بِالصَّحِيْحَيْنِ وانْتِهَاءً بِالسُّنَنِ الأرْبَعِ رِيْثُمَا يَتَأتَّى لهُمُ الوَقْتُ المُنَاسِبُ، وهَكَذَا أخَذَتْ بِهِمُ الظُّنُوْنُ سِنِيْنَ عَدَدًا؛ حَتَّى إذَا قَذَفَتْ بِهِم في أوْدِيَةِ النِّسْيَانِ، وفَيَافي الأمَاني والأطْلَالِ، قَامُوا يَتَحَسَّسُوْنَ مَوَاقِعَ حِفْظِهِم، فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا، اللَّهُمَّ أمَاني ووُعُوْدٌ مَغْلُوْطَةٌ، لا حَقِيْقَةَ لهَا!
¥