- وقد روت السيدة عائشة مناقب أهل البيت التي تعتبر شامة في مناقب الإمام عليّ، رضي الله عنه.
- من ذلك ما أخرجه مسلم، عن عائشة، رضي الله عنها قالت: "خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مرطٌ مرحّل [11] من شعر أسود، فجاء الحسن بن عليّ فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء عليّ فأدخله، ثم قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [12].
- قلت: والذي أدين الله به أنه لا يصح حديث الكساء إلا من طريق عائشة – رضي الله عنها – فقط، فكيف يدعي من كان له أدنى ذرة عقل أو دين أن يتهمها بنصب العداء لعلي رضي الله عنه.
- ولما بويع عليّ، رضي الله عنه خليفة للمسلمين، لم يتغير موقفها منه ولا حملت في قلبها عليه، وهي التي كانت تدعو إلى بيعته كما رأينا. وكانت تعرف مكانته العلمية والفقهية،
لذلك عندما سألها شريح بن هانىء [13] عن المسح على الخفّين، قالت له: عليك بابن أبي طالب فسله فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- ذكر الحافظ (ابن حجر) في فتح الباري قول المهلب: إن أحدا لم ينقل إن عائشة ومن معها نازعوا عليّاً في الخلافة، ولا دعوا إلى أحد منهم ليولوه الخلافة [14].
شبهة:
- * قاتلت عليا والله يقول {وقرن في بيوتكن}:
- الرد:
- أولاً: إن الكلام عما شجر بين الصحابة ليس هو الأصل، بل الأصل الاعتقادي عند أهل السنة والجماعة هو الكف والإمساك عما شجر بين الصحابة، وهذا من قول النبي – صلى الله عليه وسلم -:" وإذاذكر أصحابي فأمسكوا ".
- ثانيا: إذا دعت الحاجة إلى ذكر ما شجر بينهم، فلابد من التحقيق والتثبت في الروايات المذكورة حول الفتن بين الصحابة، قال عز وجل: {يا أيها الذين امنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}. وهذه الآية تأمر المؤمنين بالتثبت في الأخبار المنقولة إليهم عن طريق الفساق، لكيلا يحكموا بموجبها على الناس فيندموا.
- فوجوب التثبت والتحقيق فيما نقل عن الصحابة، وهم سادة المؤمنين أولى وأحرى، خصوصا ونحن نعلم أن هذه الروايات دخلها الكذب والتحريف، أما من جهة اصل الرواية أو تحريف بالزيادة والنقص يخرج الرواية مخرج الذم واللعن.
- وأكثر المنقول من المطاعن الصريحة هو من هذا الباب، يرويها الكذابون المعروفون بالكذب، مثل ابي مخنف لوط بن يحيى، ومثل هشام بن محمد بن السائب الكلبي، وأمثالهما. (منهاج السنة 5/ 72، وانظر دراسة نقدية " مرويات ابي مخنف في تاريخ الطبري / عصر الراشدين، ليحيى اليحيى).
- ثالثاً: قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:" أما أهل السنة فإنهم في هذا الباب وغيره قائمون بالقسط شهداء لله، وقولهم عدل لا يتناقض، وأما الرافضة وغيرهم من أهل البدع ففي أقوالهم من الباطل والتناقض ما ننبه إن شاء الله تعالى على بعضه، وذلك أن أهل السنة عندهم أن أهل بدر كلهم في الجنة، وكذلك أمهات المؤمنين: عائشة وغيرها، وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير هم سادات أهل الجنة بعد الأنبياء ".
- رابعاً: أهل السنة يقولون: إن أهل الجنة ليس من شرطه سلامتهم عن الخطأ، بل ولا عن الذنب، بل يجوز أن يُذهب الرجل منهم ذنباً صغيراً أو كبيراً ويتوب منه،وهذا متفق عليه بين المسلمين، ولو لم يتب منه فالصغائر مغفورة باجتناب الكبائر عند جماهيرهم، بل وعند الأكثرين منهم أن الكبائر قد تُمحى بالحسنات التي أعظم منها وبالمصائب المكفرة.
- فأهل السنة والجماعة لا يعتقدون أن الصحابي معصوم من كبائر الإثم وصغائره، بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر، ثم إذا كان صدر من أحدهم ذنب فيكون إما قد تاب منه، أو أتى بحسنات تمحوه، أو غفر له بسابقته، أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم، وهم أحق الناس بشفاعته، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه، فإذا كان هذا في الذنوب المحققة، فكيف بالأمور التي هم مجتهدون فيها: إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطئوا فلهم أجر واحد، والخطأ مغفور.
¥