- وهذا الزبير بن العوام رضي الله عنه - وهو ممن شارك في القتال بجانب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها - يقول: " إن هذه لهي الفتنة التي كنا نحدث عنها، فقال مولاه: أتسميها فتنة وتقاتل فيها؟! قال: " ويحك، إنا نبصر ولا نبصر، ماكان أمر قط إلا علمت موضع قدمي فيه، غير هذا الأمر، فإني لا أدري أمقبل أنا فيه أم مدبر ". (فتح الباري 12/ 67).
- هذه عائشة أم المؤمنين، تقول فيما يروي الزهري عنها: " إنما أريد أن يحجر بين الناس مكاني، ولم أحسب أن يكون بين الناس قتال، ولو علمت ذلك لم اقف ذلك الموقف أبدا ". (مغازي الزهري).
- ثامناً: كيف يلام الصحابة بأمور كانت متشابهة عليهم، فاجتهدوا، فأصاب بعضهم وأخطأ الآخرون، وجميعهم بين أجر وأجرين ثم بعد ذلك ندموا على ما حصل وجرى وما حصل بينهم من جنس المصائب التي يكفر الله عز وجل بها ذنوبهم، ويرفع بها درجاتهم ومنازلهم.
- قال صلى الله عليه وسلم: " لا يزال البلاء بالعبد، حتى يسير في الأرض وليس عليه خطيئة ".
- وعلى أقل الأحوال، لو كان ما حصل من بعضهم في ذلك ذنبا محققا، فإن الله عز وجل يكفره بأسباب كثيرة، من أعظمها الحسنات الماضية من سوابقهم ومناقبهم وجهادهم، والمصائب المكفرة، والاستغفار، والتوبة التي يبدل بها الله عز وجل السيئات حسنات، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. (للتوسع راجع منهاج السنة6/ 205 فقد ذكر عشر أسباب مكفرة)
- تاسعاً: فالمرء لا يعاب بزلة يسيرة حصلت منه في من فترات حياته وتاب منها، فالعبرة بكمال النهاية، لا ينقص البداية، سيما وإن كانت له حسنات ومناقب ولو لم يزكه أحد، فكيف إذا زكاه خالقه العليم بذات الصدور {ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم}
- عاشراً: علي – رضي الله عنه – لم يكفر الذين قاتلوه، وهذا ثابت في كتب السنة وكتب الرافضة، فأما عند السنة فقد قال شيخ الإسلام إن الصحابة قاتلوا الخوارج بأمر النبي e ، ولدفع شرهم عن المسلمين، إلا أنهم لم يكفروهم، بل حرم علي بن أبي طالب أموالهم وسبيهم، وبرهن شيخ الإسلام على أن علي بن أبي طالب لم يكفر الخوارج بالصريح من أقواله، فذكر طارق بن شهاب قال: " كنت مع علي حين فرغ من قتال أهل النهروان، فقيل له: أمشركون هم؟ قال: من الشرك فروا. قيل: فمنافقون؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا. قيل فما هم؟ قال: قوم بغوا علينا فقاتلناهم (رواه ابن أبي شيبة في المصنف 37942).
- وأما في كتب الرافضة فهو ثابت أيضا وهو كما يلي:
- بحار الأنوار المجلسي ج 23 ص 324 عن ابن طريف عن ابن علوان عن جعفر عن أبيه عليه السلام:" كان يقول لأهل حربه انا لم نقاتلهم على التكفير لهم و لم نقاتلهم على التكفير لنا و لكنا رأينا انا على حق و رأوا أنهم على حق ".
- و سائل الشيعة ج 15 ص 83 عن جعفر ابن محمد عن ابيه عن علي عليه السلام انه قال:" القتل قتلان قتل كفارة و قتل درجة و القتال قتالان قتال الفئة الباغية حتى يفيؤا و قتال الفئة الكافرة حتى يسلموا ".
- وجاء في " جواهر الكلام الشيخ الجواهري " ج12 ص 338 عن جعفر عن ابيه عليه السلام:" أن عليا عليه السلام لم يكن ينسب أحدا من أهل البغي إلى الشرك و لا إلى النفاق و لكن كان يقول إخواننا بغوا علينا ".
- الحادي عشر: حديث النبي وقوله لعائشة:" تقاتلين علياً وأنت ظالمة له " قال شيخ الإسلام ابن تيمية:" فهذا لا يعرف في شيء من كتب العلم المعتمدة، ولا له إسناد معروف، وهو بالموضوعات أشبه منه بالأحاديث الصحيحة، بل هو كذب قطعاً، فإن عائشة لم تقاتل ولم تخرج لقتال، وإنما خرجت لقصد الإصلاح، وظنت أن في خروجها مصلحة للمسلمين، ثم تبين لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى، فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبلَّ خمارها ".
- الثاني عشر: وليس في ذلك مخالفة لقوله تعالى {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}، فهي رضي الله عنها لم تتبرج تبرج الجاهلية الأولى.
- والمراد بالاستقرار في البيوت لا ينافي الخروج لمصلحة مأمور بها، كما لو خرجت للعمرة أو للحج.
¥