إن المواقف السُّنيَّة واضحةٌ وصريحةٌ لا مواربة فيها، إنها تُعلنُ التبرؤ المطلق من كلِّ النصوصِ المكذوبة والأقوال المنسوبة التي فيها نيْلٌ من مكانة أهل البيت رضوان الله عليهم. ولكنَّ الإشكال في الحالة الشيعية أن كتبهم وتراثهم وتاريخهم وأدعيتهم طافحةٌ بالسباب والشتائم، فهي عقيدة راسخة متجذرة، لا فكاك منها أبدا بمجرد إعلان بيان استنكار، فكلُّ من لديه مُسْكَةٌ من عقل سيستنكر نهيق الحمار، لكنَّ الشأنَ كلَّ الشأن في الموقف من العقيدة التي رَضَع لَبَانَها وهَرِمَ عليها كلُّ شيعيٍّ، وإلا فلا شيعيَّ حينئذٍ.
إننا ينبغي أن نضع البيانَ والاستنكارَ الشيعيَّ في سياقه الطبيعي، الذي لا يعني في جوهره سوى مجرد الاحتجاج على "أسلوب ياسر الخبيث" المثير المقزز لا التَّنَصُّلَ من المعتقد الرافضي تجاه أمهات المؤمنين والصحابة رضوانُ الله تعالى عليهم أجمعين.
لهذا أرى أنه ينبغي ألا ننخدع بكل بيانات وتصريحات الرافضة أبدا، وينبغي ألا نسارع إلى مباركتها مطلقاً، وينبغي ألا نَعُدَّها مكسَبًا دينيًّا أو وطنيًّا يمكن إضافته إلى الرصيد المتراكم في ملفات التقارب المزعوم، فهي تحصيلُ حاصلٍ لا طائل من ورائها؛ إذ التاريخ كلُّه - بما فيه التاريخ المعاصر - لم يترك مساحةً ولو ضئيلةً لاحتمالية صدق الرافضة.
وإنَّ أخشى ما أخشاه أنْ تُحْدِث أمثالُ هذه البيانات الشيعية والصرخات الرافضية - التي ظاهرها الوقوف مع أهل السنة - شَقًّا في صفوف النُّخَب من أهل العلم والفكر، وخلخلةً وانقساماً في مواقفهم تجاه الرافضة. بل قد تتحول هذه المواقف إلى سِجَالٍ داخلَ البيت السني؛ بدعوى عدم الخلط بين الشيعة المعتدلين والغلاة منهم، كما هو حاصلٌ الآن - بكل أسفٍ - من الاغترار ببعض مدعي الاعتدال من الرافضة.
وأودُّ التوضيح - أخيرا - بأنه في مقابل مشاعر الغضب والسخط ضدّ كل من يَمَسُّ أعراضَ الصحابة وأمهاتِ المؤمنين رضي الله عنهم بسوء، من الطبيعي أيضا أن نحمل مشاعر الفرح والابتهاج لكل من يَذُبُّ عن أعراض خير القرون، أيًّا كانت هُويّته ومذهبه. ولا ضير في تشجيع هذه البيانات والصرخات - ولو كانت شيعية - إذا وافقتِ الحقَّ، ولكن ينبغي عدمُ الاغترار بها، بل ينبغي مطالبتهم بالمزيد، وأن نسمع تصريحاتٍ مباشرةً من "مراجعهم" الصامتة بالتبرؤ من كل ما في تراثهم من عبارات اللعائن والطعون فضلا عن عبارات التكفير المبثوثة في كتبهم.
كما أنوِّهُ إلى أنه لا يجوز لمسلمٍ قبولُ اعتذاراتهم عن انتهاك عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمِّ المؤمنين عائشةَ رضي الله عنها وصحابته الكرام، فليس أحدٌّ منَّا مُخَوَّلاً أو مُفوَّضاً بذلك، بل لا يحقُّ لمسلمٍ اعتبارُها كافيةً بغير محاكمة شرعية عادلة زاجرة رادعة.
إن الموقف الشرعي الصحيح - كما يبدو لي - حيال كلِّ البدع والمبتدعة واضحٌ وحاسمٌ تماما انطلاقا من قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «كلُّ بدعةٍ ضلالة».
فهذا عنوانٌ عريضٌ مُحْكمٌ غيرُ متشابهٍ، ينبغي أن يكون نُصْبَ أعين أهل السنة والجماعة في تعاملهم مع أهل الفرق والضلالة، آخذين في اعتبارهم بميزان العلم الأصيل من الكتاب والسنة، وفَهْمِ السلف والأئمة، والنظرِ المصلحيِّ وفق السياسة الشرعية الحكيمة، وميزانِ العدل والإنصاف باعتبار آدمية المبتدع وإنسانيته ووطنيته.
والله تعالى أعلم.
ناصر العلي - جامعة أم القرى
ـ[هادي آل غانم]ــــــــ[19 - 09 - 10, 12:05 ص]ـ
صدقت والله يا دكتور ناصر العلي في كل ما سطرته، وأسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يوفق علمائنا لكشف عوار الرافضة وفضحهم وعدم الركون لهم، والغض عنهم.
ـ[بسام قاروت]ــــــــ[19 - 09 - 10, 09:45 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[ابو يعقوب العراقي]ــــــــ[20 - 09 - 10, 02:19 ص]ـ
الشيعة الشنيعة.
ـ[ناصر العلي]ــــــــ[22 - 09 - 10, 12:15 ص]ـ
قال الشيخ حامد العلي (من الكويت) حفظه الله:
[لايخفى على من يعرف حقيقة هذا المخطَّط الصفوي الذي يشتعل أوارُه، وتضطرم نارُه هذه الأيام، أنَّ إنكار من أنكر منهم على زنديق لندن، ليس لأنه قال ما لايعتقدون،
كلا ...
بل لأنَّه قاله قبل أوانه.
¥