تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الهروب الكبير]

ـ[محمد بن شاكر الشريف]ــــــــ[22 - 09 - 10, 12:26 ص]ـ

بينما يعد الكثيرون من أبناء الدنيا والمتعلقين بها تولي الولايات وتقلد المناصب العليا

مغنما يحرصون عليه أشد الحرص ويبذلون في سبيله كل ما يمكنهم من الوصول إليه، ولو كان فيه فساد دينه

نجد في المقابل أبناء الآخرة والراغبين فيها يفرون من ذلك كما يفر أحدنا من الأسد،

والقصص في تاريخنا كثير وهو من الأدلة التي تبين خيرية هذه الأمة وزهدها في الدنياوتعلقها بما يقربها من الله تعالى، وقد كان هذا من أسرار علو هذه الأمة وتسيدها على سائر الأمم، ولعل التعلق المقيت بالدنيا وإيثارها على الآخرة هو سبب ما نحن فيه تأخر

وعلو أمم الكفر وسيادتها على بقية الأمم

وهذه واقعة من عشرات الوقائع التي تبين ما ذكرته

فقد اضطر الأمير إبراهيم بن أحمد بن الأغلب اضطر

يحيى بن عمر إلى ولاية القضاء، فقال له: إن دللتك على من هو أفضل مني، في الوجه

الذي تحب، تعفيني؟ فقال له: نعم، فدله على عيسى بن مسكين فأرسل فيه إبراهيم إلى

كورة الساحل، وأوصله إلى نفسه وقال: تدري

لم بعثت لك؟ قال: لا، قال: لأشاورك في رجل قد جمع الله فيه خلال الخير، أردت أن

أوليه القضاء، وألم به شعث هذه الأمة؛ فامتنع قال: يلزمه أن يلي، قال: تمنع قال:

يجبر على ذلك قال: تمنع قال: يجلد، قال: قم فأنت هو، قال: ما أنا الذي وصفت وتمنع

فأخذ الأمير بمجامع ثيابه، وقرب السيف من نحره؛ فتقدم إليه بخنجره فلم يزل به حتى

ولي على شروط منها، قال له: أستعفيك في كل شهر، قال: نعم قال: وأجعلك، وبني عمك،

وجندك، وفقراء الناس، وأغنياءهم في درجة واحدة قال: نعم قال: ولم توجه ورائي، وكذا

وكذا، فمتى لم تف لي بشرط، عزلت نفسي قال: نعم وعرض عليه عند ذلك الكسوة والصلة

فامتنع.

والله

إن هذا لهو الشرف والعز والسؤدد-صورة للذين يجرون في كل واد ويغشون كل ناد ويقبلون الأرض بين يدي رؤسائهم من أجل الفوز بمنصب من مناصب الدنيا

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير