[ظاهرة التهاون في المواعيد بين "الوعد الشرقي" و "الوعد الغربي"]
ـ[ماجد المطرود]ــــــــ[26 - 09 - 10, 10:39 ص]ـ
وقال محمد كرد علي (ت 1953 م) رحمه الله في " أقوالنا وأفعالنا ":
من المستحيل ضبط المواعيد في هذا الشرق القريب، فالقوم ما عرفوا التوقيت، وربما كان ضبط المواعيد ممّا يستغربونه ويصعب على نفوسهم.
ومسألة المواعيد ممّا شغل جانباً من وقتي، وكنتُ آلم من الإخلال بها، وقد تغلّبتُ عليها إجمالاً، وغرستها في صدور بعض الناشئة بصعوبات كثيرة، ولقّنتُ من أحاط بي ورأستهم - وإن شقّ عليهم تحكّمي بادئ بدء - أن يراعوا المواعيد أبداً، لِمَا في فوضى الأوقات من الضرر لهم ولغيرهم،
وبالإخلال بالمواعيد يثبتون أنهم شعبٌ منحطٌّ. اهـ.
قال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله:
أليس عجيباً أن صار اسم "الوعد الشرقي" علماً على الوعود الكاذبة، واسم "الوعد الغربي" علماً على الوعد الصادق؟
ومَن عَلَّمَ الغربيين هذه الفضائل إلاّ نحن؟ من أين قبسوا هذه الأنوار التي سطعت بها حضارتهم؟ ألم يأخذوها منّا؟
من هنا أيام الحروب الصليبية، ومن هناك من الأندلس بعد ذلك، وهل في الدنيا دين إلاّ هذا الدين الذي يجعل للعبادات موعداً لا تصح العبادة إلاّ فيه، وإن أخلفه المتعبّد دقيقة واحدة بطلت العبادة؟
إن الصوم شُرِع لتقوية البدن، وإذاقة الغني مرارة الجوع حتى يشفق على الفقير الجائع، وكل ذلك يتحقق في صوم اثنتي عشرة ساعة إلاّ خمس دقائق، فلماذا يبطل الصوم إن أفطر الصائم قبل المغرب بخمس دقائق؟ أليس - والله أعلم - لتعليمه الدقة والضبط والوفاء بالوعد؟ ولماذا تبطل الصلاة إن صُلِّيَت قبل الوقت بخمس دقائق؟ لماذا يبطل الحج إن وصل الحاج إلى عرفات بعد فجر يوم النحر بخمس دقائق، أليس لأن الحاج قد أخلف الموعد؟
أولم يجعل الإسلام إخلاف الوعد من علامات النفاق، وجعل المخالف ثلث منافق؟ فكيف نرى بعد هذا كلّه كثيراً من المسلمين لا يكادون يفون بموعد، ولا يبالون بمن يخلف لهم وعداً أو يتأخّر عنه؛ حتى صار التقيُّد بالوعد والتدقيق فيه والحرص عليه، نادرة يتحدّث بها الناس، ويُعجبون بصاحبها ويَعجبون منه، وحتى صارت وعودنا مضطربة مترددة لا تعرف الضبط ولا التحديد.
وقال الشيخ الطنطاوي في مكانٍ آخر: صارت كلمة الوعد الشرقي رمزاً - مع الأسف - للوعد الذي لا يُوثَق به ولا يُطمأن إليه، وكلّما أوغلت في الشرق رأيت ذلك أظهر وأوضح. اهـ.
وفي الكتاب المذكور صور عجيبة من شدة التزام علمائنا المعاصرين - كالإمامين ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله - بالمواعيد المضروبة وعدم الإخلال بها، فانظرها.
و أحياناً -أيها الأعضاء المكرمون- يطرق أسماعنا قول شخص لآخر "موعدنا عربي أو أجنبي؟ "، ويقصد هل موعدنا عربي أي لن تلتزم به أو أجنبي فستلتزم به، وهذا - للأسف - لأنه أصبح مشتهراً في العصر الحاضر؛ من شدّة التزام الغربيين بالمحافظة على المواعيد؛ ومن شدّة تهاون العرب وعدم التزامهم بالمواعيد، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون!!
.... ... ....
ـ[سلمان الخوير]ــــــــ[26 - 09 - 10, 02:30 م]ـ
الله يرحم الشيخ علي ويسكنه فسيح جناته
وبارك الله فيك
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[13 - 10 - 10, 04:29 م]ـ
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
ومن الأسف فإن قوماً من السفهاء عندنا إذا وعدته بوعد يقول:" وعد انجليزي ام وعد عربي" يعني أن الإنجليز هم الذين يوفون بالوعد، فهذا بلا شك سفه وغرور بهؤلاء الكفرة، والإنجليز فيهم مسلمون ومؤمنون ولكن جملتهم كفار، ووفاؤهم بالوعد لا يبتغون به وجه الله، لكن يبتغون به أن يحسنوا صورتهم عند الناس ليغتر الناس بهم.
والمؤمن في الحقيقة هو الذي يفي تماماً فيمن أوفي بالوعد؛ فهو مؤمن، ومن أخلف الوعد؛ كان فيه من خصال النفاق.
نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من النفاق العملي والعقدي، أنه جواد كريمٌ.