[هل يكفر الساحر]
ـ[أسد السنة]ــــــــ[29 - 04 - 03, 03:14 ص]ـ
قال صاحب تيسير العزيز الحميد الشيخ سليمان رحمه الله
واختلفوا هل يكفر الساحر أولا فذهب طائفة من السلف إلى أنه يكفر وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد قال أصحابه إلا أن يكون سحره بأدوية وتدخين وسقي شيء يضر فلا يكفر وقيل لا يكفر إلا أن يكون في سحره شرك فيكفر وهذا قول الشافعي وجماعته.أ. هـ
قلت: السحر عند إطلاقه يراد به ما كان فيه استعانة بالشياطين لقوله تعالى {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ} (102) سورة البقرة لكن قد يطلق السحر على أنواع أخرى ذكرها ابن كثير في تفسيره نقلا عن الرازي وأوصلها إلى ما يزيد عن عشرة أنواع منها البيان لقوله (إن من البيان لسحرا) لذلك اختلفت أقوال العلماء في الحكم على الساحر فليتنبه لهذا.
قال الشيخ سليمان " قال الشافعي رحمه الله إذا تعلم السحر قلنا له صف لنا سحرك فإن وصف ما يوجب الكفر مثل ما اعتقده أهل بابل من التقرب إلى الكواكب السبعة وأنها تفعل ما يلتمس منها فهو كافر وإن كان لا يوجب الكفر فإن اعتقد اباحته كفر.
وعند التحقيق ليس بين القولين اختلاف
قلت: هذا التحقيق مبني على ما سبق الإشارة إليه في معنى السحر والشيخ أراد هنا المعنى المطلق.
قال الشيخ سليمان: فإن من لم يكفر لظنه أنه يتأتى بدون الشرك، وليس كذلك بل لا يأتي السحر الذي من قبل الشياطين إلا بالشرك وعبادة الشيطان والكواكب ولهذا سماه الله كفرا في قوله انما نحن فتنة فلا تكفر وقوله وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا ..... وأما سحر الأدوية والتدخين ونحوه فليس بسحر وإن سمي سحرا فعلى سبيل المجاز كتسمية القول البليغ والنميمة سحرا ولكنه يكون حراما لمضرته يعزر من يفعله تعزيرا بليغا.
قلت: فتبين أن القول الفصل في هذه المسألة مبني على التفريق بين أنواع السحر فما كان منها بمعونة الشياطين فهذا كفر لأن الشياطين لا تعينه إلا بعد أن يكفر للآية وإن ادعى أنه لا يستخدم الشياطين مادام أنه من أنواع السحر التي يستخدم فيها الرقى والخط والعزائم مثل الذي يفرق به بين المرء وزوجه، وأما ما كان دون ذلك كخفة اليد أو استخدام أدوات تعينه على التمويه فهذا ليس بكفر وإن كان يعزر صاحبه.
ـ[أسد السنة]ــــــــ[29 - 04 - 03, 03:16 ص]ـ
حد الساحر القتل لقول عمر (اقتلوا كل ساحر وساحرة).
قال الشيخ سليمان وهو من حجج الجمهور القائلين بأنه يقتل وظاهره أنه يقتل من غير استتابة وهو كذلك على المشهور عن أحمد وبه قال مالك لأن الصحابة لم يستتيبوهم ولأن علم السحر لا يزول بالتوبة.
وعن أحمد يستتاب فإن تاب قبلت توبته وخلي سبيله وبه قال الشافعي لأن ذنبه لا يزيد على الشرك والمشرك يستتاب وتقبل توبته فكذلك الساحر وعلمه بالسحر لا يمنع توبته بدليل ساحر أهل الكتاب إذا أسلم ولذلك صح إيمان سحرة فرعون وتوبتهم قلت الأول أصح لظاهر عمل الصحابة فلو كانت الاستتابة واجبه لفعلوها أو بينوها وأما قياسه على المشرك فلا يصح لأنه أكثر فسادا وتشبيها من المشرك وكذلك لا يصح قياسه على ساحر أهل الكتاب لأن الاسلام يجب ما قبله.
قلت: وهذا الذي رجحه الأمام محمد بن عبد الوهاب في مسائل الباب.
لكن الذي يظهر أن الخلاف في هذه المسألة مبني على هل الساحر يقتل ردة أم حداً لأن الحدود لا تدرأ بالتوبة وأما القتل من أجل الردة فيدرأ بالتوبة لأنه ليس حداً فالحدود كفارة وأما قتل المرتد فهو عقوبة له ويبقى على كفره لا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين.
والذي يظهر من النصوص الصحيحة أن الساحر يقتل ردة لا حداً يدل على ذلك ما جاء في الصحيحين أن لبيدا سحر النبي ولم يقتله فلو كان القتل حدا لم يسقط عنه الحد وإنما عفا عنه لمصلحة وقد كان منافقا ولعله أظهر توبته وذهب بعضهم إلى أنه كان يهوديا قال الحافظ: إنما لم يقتل النبي صلى الله عليه وسلم لبيد بن الأعصم لأنه كان لا ينتقم لنفسه ولأنه خشي إذا قتله أن تثور بذلك فتنة بين المسلمين وبين حلفائه من الأنصار وهو من نمط ما راعاه من ترك قتل المنافقين سواء كان لبيد يهوديا أو منافقا.
قلت: وقد جاء في صحيح البخاري أنه كان منافقا حليفا ليهود.
قال الحافظ: وقال الشافعي لا يقتل إلا إن اعترف أنه قتل بسحره فيقتل .... قال النووي إن كان في السحر قول أو فعل يقتضي الكفر كفر الساحر وتقبل توبته إذا تاب عندنا وإذا لم يكن في سحره ما يقتضي الكفر عزر واستتيب.
قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله في القول المفيد:
من خرج به السحر إلى الكفر فقتله قتل ردة، ومن لم يخرج به السحر إلى الكفر من باب دفع الصائل يجب تنفيذه حيث رآه الإمام.
قلت: وعلى هذا تقبل توبته إلا أن يظهر للإمام أنه كاذب فله قتله والله أعلم.