ويتأكَّد مَيلي هذا كلَّما رأيتُ خطيبًا على منبر، أو داعية في وسيلة إعلاميَّة، وهو يخبط في العلم خَبْط عشواء، ولا يشفع له أمامَ الناس إلاَّ الدال [4] ( http://www.alukah.net/Culture/0/25736/1/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B4%D9%8A%D8%B1%20%D8%B9%D8%B 5%D8%A7%D9%85/#_ftn4) التي يقدِّمها أمامَ اسمِه، فتُعطيه من الحَصَانة ما لم يكنْ ليدَّعيه دونها، وأتحسَّر حينئذٍ؛ لأنَّ مَن هم أفضل منه؛ سَعة علمٍ، وحِدَّة ذكاءٍ، ونصاعة بيانٍ، لا يستطيعون ارتقاءَ ذلك المنبر؛ لأنهم محجوبون عنه بِعلمهم وفَهمهم؛ عذرًا! أقصد: بانقطاع الوشائج بينهم وبين الجامعة.
إن من رأْيي أنَّ طَلَبةَ العلم المتقدِّمين، والممارسين للشعر والأدب - من الذين لم يتلطَّخوا بأدرانِ التغريب الحضاري، والتميُّع الثقافي، ولم يتشبَّعوا بوساوس الحَدَاثة الفكريَّة المتجرِّدة من كلِّ ضابط، والمتحرِّرة من كلِّ قيدٍ - عليهم أنْ يقتحموا على أهْل الجامعة جامعاتهم، ويحصِّلوا ما أمْكَنَهم من هذه الشهادات الأكاديميَّة العجيبة؛ فإنهم بذلك يسدون الطريقَ أمامَ كثيرٍ من العابثين بتُراث الأُمة، والوالغين في وعْيها وإدراكها الثقافي.
إنَّ كثيرًا من أصحاب الاتجاهات الفكريَّة الهَدَامَّة قد تفطَّنوا إلى هذا المعنى، فكوَّنوا داخِلَ الجامعات العربيَّة مجموعاتِ ضغطٍ - لوبيات بلغة الفرنج - تمتلِك مناصبَ حسَّاسة، يتوارثونها، ويدفعون عن مُزاحمتهم فيها كلَّ مَن ليس على شَاكِلَتهم في المنهج الفكري العام.
فلِمَ نُقصِّر نحن في هذا الْمَيدان، ونكتفي بالشكوى والنقْد؟ أمَا آنَ لنا أن نسعَى إلى تخريج أجيال جديدة من حمَلَة الشهادات الجامعيَّة، هم في الوقت نفسِه علماء راسخون، وأدباء متمكِّنون، فنكون قد رَدَمْنا الهُوَّة بين العلم والشهادة، ومَحَونا أثرَ الفصام بين العلماء وحاملي الشهادات.
هذا رأْيي في هذه المسألة، ومُلخَّصه: ألاَّ تحقرَ الشهادة!
[1] ( http://www.alukah.net/Culture/0/25736/1/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B4%D9%8A%D8%B1%20%D8%B9%D8%B 5%D8%A7%D9%85/#_ftnref1) وقد قِيل قديمًا: "إنَّما يُفْسد الدنيا ثلاثة؛ نصف فقيه، ونصف طبيب، ونصف نحْوي؛ فالأول: يُفسد الأدْيانَ، والثاني: يفسد الأبْدانَ، والثالث: يفسد اللِّسانَ".
[2] ( http://www.alukah.net/Culture/0/25736/1/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B4%D9%8A%D8%B1%20%D8%B9%D8%B 5%D8%A7%D9%85/#_ftnref2) إلاَّ النادر الذي لا حُكْم له، وما في الجامعة من خير فأصلُه من خارجها؛ مِن حِلَق العلم، ومجالس الذِّكْر التي لم تنقطعْ قطُّ، وما يكون لها أن تنقطعَ - بإذن الله تعالى.
[3] ( http://www.alukah.net/Culture/0/25736/1/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B4%D9%8A%D8%B1%20%D8%B9%D8%B 5%D8%A7%D9%85/#_ftnref3) كقول الأديب علي الطنطاوي - رحمه الله - في مقال له بعنوان: (زفرة أخرى) ضمن كتابه "من حديث النفس"، ص (125): "فلماذا درستَ الحقوق إذا كانت الوزارة لا تعرفُ أقدارَ الرجال إلاَّ بما يحملون من شهادات الاختصاص، وكان صاحبُ الليسانس في الحقوق لا يُعد أديبًا في نظرِها ولو كان شوقي زمانه، أو رافعي أوانه، وترى صاحبَ الليسانس في الأدبِ أديبًا ولو كان أعيا من باقلٍ، وأجهلَ مِن جاهل؟! ".
[4] ( http://www.alukah.net/Culture/0/25736/1/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B4%D9%8A%D8%B1%20%D8%B9%D8%B 5%D8%A7%D9%85/#_ftnref4) أو حتى الذال؛ فالأولى لدرجة الدكتوراه، والثانية لدرجة الأستاذية، وقد يجمع بعضُهم بين الحرفين، فذاك - عند القوم - العَلَم الأوْحَد الذي لا يناقَش ولا يُنْتَقَد!
ـ[أم الفضل السلفية]ــــــــ[30 - 09 - 10, 04:04 م]ـ
جزاك الله خيرا.
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[30 - 09 - 10, 04:11 م]ـ
مقال جيمل شيخنا الكريم / عصام البشير.
إلا أنه في بعض الأحيان، يتحتَّمُ عليك تحقيرُ الشَّهادات!!
وهذا إن كانت مثل الدبور، لا تنفع، وتضر!
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[05 - 10 - 10, 04:01 ص]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا الكريم
وإمَّا أنْ نزاحمَ القوم على كَراسي الجامعة، وقد تحصَّنا من قبل ذلك بدرعٍ سابغة؛ من الاعتقاد السليم، والفِكر الصافي، والعلمِ الشرعي النافع.
فإذا تمكَّنا من تلك الورقة العجيبة التي يسمُّونها شهادة أكاديميَّة، انطلقنا إلى ميادين النضال الفِكري، وقد فُتحتْ أبوابٌ كانتْ من قبل مُغْلقة، وانجلتْ آفاقٌ كانتْ من قبلُ بالغيوم مُلبَّدَة.
فكرة سديدة، فمثلا فى مصر البعض يرى أن الأزهر ومن ينتسب له من دكاترة وأساتذة حتى ولو خريجين هم فقط لهم حق الفتوى أو كلامهم مقدم على غيره، وبعد خروج فتاوى من الأزهر تخالف الإسلام وافتنان الناس بها
ظهرت فكرة جيدة وهى عبارة عن كتاب لأراء بعض علماء الأزهر توافق حكم الإسلام وتخالف هذه الفتاوى
فخرجت مجموعة كتب مثل فتاوى علماء الأزهر فى النقاب، وفتاوى فى الأضرحة والموالد،وفتوى الشيخ جاد الحق-رحمه الله- فى الختان
والآن الأزهر به مجموعة لا بأس بها من العلماء وطلبة العلم السلفيين،نسأل الله فى يبارك فيهم
وأرى أن يحرص كل طالب علم أن يلتحق بالأزهر وإن فاته ذلك فليحرص على أن يدخل أبنائه الأزهر، مع حرصه على أن يعلمهم العلم الشرعى خاصة العقيدة الصحيحة ليكونوا على بصيرة من دينهم
وإن شاء الله سيأتى الزمان الذى تدرس فى الأزهر العقيدة الواسطية و الطحاوية و كتاب التوحيد
¥