تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومنها: اذابة العدواة للغرب، وهذا مربط شُد إليه كلهم، فلا تجد أحد المتأثرين بالغرب إلا ويدافع عنهم أو لا يرى عداوتهم، حتى أن صغيراً رتبته تلميذ لتلاميذ هؤلاء أو دون ذلك، وقد تعلم في أحضان السلفية خرج يقول أنه سلفي ولا ينقم على السلفية التقليدية إلا أموراً "بسيطة" أولها: موقف السلفية "التقليدية من الآخر.!!

ولا يحتاج هذا الأمر إلا استدلال ولا استقصاء فقط لفت نظر.

رابعها: الخروج من دائرة الرد على هؤلاء وتتبعهم.

بالنظر في أطروحات التغريب وجدت أن أكبر مكسب حققه هؤلاء هو شغل الداخل الإسلامي وإبطال مفعول المسلمين كدعاة إلى الله ـ وكل المسلمين دعاة إلى الله، قال الله تعالى" قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني" ـ.

وبالنظر في حال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجدتُ أن حرب الشبهات أو قل التعامل الفكري مع الدعوة لم يكن أقل ضراورة من التعامل بالسلاح، فقد سبق التصدي الفكري للدعوة القتال وكان معه، أي لم يتوقف أبداً، فالمواجهة مع المسلمين وغيرهم فكرية وقتالية، وذات الطرف المجادل هو هو المقاتل قال تعالى "وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق" وقال تعالى " وكفى بربك هادياً ونصيراً" وشرحت ذلك في مقال بعنوان "جدال وقتال"

وبالنظر في تعامل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو الخطاب الدعوي عموماً مع المخالف وجدت أن الجهد صرف للطرح الإيجابي، المتمثل في تعريف الناس بربهم ليعظموه ويوقروه ويسبحوه بكرة وأصيلاً، وتعريفهم بما أعد الله للطائعين وما توعد به العاصين، ثم بيان حال من أطاع ومن عصى في القرون الأولى .. تقديم نماذج.

ولم يقف الخطاب الدعوي طويلاً مع المخالفين، بل أخذهم في طريقه وهو يشرح التوحيد.

وعلى سبيل المثال قصة تحويل القبلة، كانت المعالجة لها ببيان حال المنتقدين لتحويل القبلة من المنافقين ومن يهود، وبيان حال القبلة الجديدة (الكعبة) وكيف أن قد بناها إبراهيم عليه السلام، وملة إبراهيم وأبناء إبراهيم كيف كانوا مسلمين. ثم بيان أن الله لا يضيع إيمان المؤمنين. سياق كامل.

ولم يدخل النبي صلى الله عليه وسلم مع يهود في تفاصيل. مع أنها بدأت من أول يوم بإلقاء الشبهات، وبقيت حتى بعد خيبر تثير المشاكل (الفكرية) وتحاول جاهدة تفعيل المنافقين (أستدل بما ورد من خبرهم في غزوة تبوك وقد كانت بعد خيبر). ولكنك حين تقرأ القرآن الكريم لا يكاد يلفت نظرك وجود يهود مع النبي صلى الله عليه وسلم في نفس البلد؛بل كأنهم تحت طيات الأيام فقط. لم يكن من أهداف الدعوة ثبر غور يهود ومعرفة ما عندهم والرد عليهم من كتاباتهم وبيان عوار مذهبهم. فقط كان تعريف للناس بربهم ثم بيان ما أراد منهم بكلمات قليلة والنفوس التي تعرف ربها وتعظمه تقف عند أمره ونهيه.

إن الحقيقة الكبرى التي تواجه كل متأمل لحركة الفكر الإسلامي وتأثره بالآخر هي أن الكافر لا يعمل إلا من خلال المنافق، أو من خلال أصحاب القلوب المريضة عموما، ولذا كانت الدعوة للمنافقين بالمرصاد ولم تقبلهم بين الصفوف.

وبالنظر في حال الناس نجد أن الناس فريقان: عامة وملأ.الملأ يعرفون الحق وهم له منكرون، ولذا يأتي وصفهم بالأفاكين (والإفك نوع خاص من الكذب يريد به صحابه صرف الناس عن الحق)، والعامة لا يهمها هذا الركام، فقط تأخذ الخلاصة وتنقاد للغالب، وهي ميدان للسباق بين الملأ من أهل الخير والشر، ولا تسابق العامة، ولكن تستدعى مؤقتاً.

أريد أن اقول أننا نحتاج إعادة نظر في التعاطي مع هؤلاء. وعلى أولئك الذين ولوا وجوههم شطر البحث والتنقيب والدراسة والتأصيل أن يعيدو النظر، وأن لا يكون هذا أصل .. أن لا يكون جهدنا في إخراج أبحاث علمية (تأصيلية) (متعوب) عليها تتعاطى هؤلاء.

لو كان هذا فعل قليل منا فلا بأس، ولو توجهت النخبة لتدبر القرآن الكريم والسنة النبوية وعرض التوحيد على الناس ومعالجتهم برفق؟

محمد بن جلال القصاص

ظهر الاثنين 24شوال 1431هـ

4/ 10/2010م

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير