[رد الشبه والافتراءت عن السيدة عائشة]
ـ[عبد الرحمن الطوخي]ــــــــ[07 - 10 - 10, 03:29 م]ـ
إنَّ أعداءَ الإسلام - من الشيعة الروافض - لا يفتؤون في نصْب شِباكهم الدنيَّة تجاه أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عمومًا، وأزواج النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - خصوصًا؛ حتى يُشكِّكوا الناسَ في قُدواتهم، ويزعزِعوا عقيدتهم في أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيذْكُرون شُبهًا؛ حتى يُلبسوا على المسلمين، والناس في زمن الغُربة الثانية بعيدون عن دينهم؛ مِصداقًا لقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((بدأَ الإسلامُ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأَ؛ فطُوبَى للغُرباء))؛ رواه مسلم.
لذا يجبُ على المسلم أنْ يصونَ دينَه عن الشُّبهات فلا يستمع إليها؛ لأن الشبهة قد تستقرُّ في قلبه، ولا يستطيع دَفْعَها؛ لضَعف إيمانه، أو قِلَّة عِلمه، أو هما معًا، ولا شكَّ ولا ريبَ أنَّ المسلمَ مأمورٌ باجتباب مواقع الشُّبهات، ومواطن الفِتن، لماذا؟ لأنَّ الحُكماء من هذه الأُمَّة قالوا: "القلوبُ ضعيفة، والشُّبَه خَطَّافة"، ولا ينبغي لعاقلٍ أن يجعلَ قلبَه عُرضة للشُّبهات تستحكمُ قلبَه، ثم يقول: أدفعُها، وأدحضُها، وأكشفُ زيفَ القوم وباطلَهم.
ومَن نظَرَ للواقع عَلِم حقيقةَ الحال، فمن نَجَا من الشهوة، وقَعَ في الشُّبهة، والقليل مَن وفَّقه الله للاعتصام بالكتاب والسُّنة.
قال ابنُ القَيِّم في "مفتاح دار السعادة": وقوله - أي عَلِي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "ينقدحُ الشكُّ في قلبه بأوَّلِ عارضٍ مِن شُبهة"؛ هذا لضَعف عِلْمه، وقِلَّة بصيرته، إذا وردتْ على قلبِه أدنى شُبهة قدحتْ فيه الشكَّ والريبَ، بخلاف الراسخ في العِلم، لو وردَ عليه من الشُّبَه عددُ أمواج البحر، ما أزالَ يقينَه، ولا قدحَ فيه شكًّا؛ لأنه قد رسَخَ في العِلم، فلا تستفزُّه الشُّبهات، بل إذا وردتْ عليه ردَّها حَرَسُ العلم وجيشُه؛ مغلولةً مغلوبةً.
والشُّبهة واردٌ يَرِدُ على القلب، يحول بينه وبين انكشافِ الحقِّ له، فمتى باشَرَ القلبُ حقيقةَ العلم، لم تؤثِّر تلك الشبهةُ فيه، بل يقوى عِلمُه ويقينه بردِّها ومعرفة بُطْلانها، ومتى لَمْ يُباشرْ حقيقةَ العلم بالحقِّ قلبُه، قدحتْ فيه الشكَّ بأوَّل وهْلة، فإنْ تداركَها وإلاَّ تتابعتْ على قلبه أمثالُها، حتى يصيرَ شاكًّا مُرتابًا.
والقلبُ يتواردُه جيشان من الباطل: جيشُ شهوات الغَي، وجيشُ شبهات الباطل، فأَيُّما قلبٍ صغَى إليها، وركَنَ إليها تشرَّبها، وامتلأ بها، فينضح لسانُه وجوارحُه بموجبها، فإنْ أُشْربَ شبهاتِ الباطل، تفجَّرتْ على لسانه الشكوكُ والشبهات والإيرادات، فيظن الجاهلُ أنَّ ذلك لسعة عِلمه، وإنَّما ذلك من عدمِ عِلمه ويقينه.
وقال لي شيخُ الاسلام - رضي الله عنه - وقد جعلتُ أُورِدُ عليه إيرادًا بعد إيراد: لا تجعلْ قلبَك للإيرادات والشُّبهات مثل السفنجة فيتشربَها، فلا ينضح إلا بِها، ولكنِ اجعلْه كالزجاجة المصمتة، تمرُّ الشبهات بظاهرِها ولا تستقرُّ فيها، فيراها بصفائه، ويدفعُها بصلابته، وإلاَّ فإذا أَشْرَبْتَ قلبَك كُلَّ شُبهةٍ تمرُّ عليها، صارَ مُقرًّا للشُّبهات، أو كما قال.
فما أعلمُ أنِّي انتفعتُ بوصيَّة في دَفْع الشُّبهات كانتفاعي بذلك.
وإنما سُمِّيَت الشبهة شبهةً؛ لاشتباه الحقِّ بالباطل فيها؛ فإنَّها تَلْبِس ثوبَ الحقِّ على جِسم الباطل، وأكثرُ الناس أصحاب حُسنٍ ظاهر، فينظر الناظر فيما أُلْبِسَتْهُ من اللباس، فيعتقد صِحَّتَها.
وأمَّا صاحبُ العِلم واليقين، فإنَّه لا يغترُّ بذلك، بل يجاوزُ نظرَه إلى باطنها، وما تحتَ لباسِها، فينكشف له حقيقَتُها، ومثال هذا: الدرهم الزائف، فإنَّه يغترُّ به الجاهل بالنقْد؛ نظرًا لِمَا عليه مِن لباس الفضَّة، والناقد البصير يجاوزُ نظرَه إلى ما وراء ذلك، فيطَّلعُ على زَيفه"؛ اهـ، (1/ 140).
والله المرجو والمأمول أنْ يعصمَنا من الشهوات والشبهات، وأنْ يجعلَنا مُعتصمين بكتابه وبسُنة نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم.
¥