بل قد يصل الأمر إلى رؤية المعروف منكراً والمنكر معروفا ويدخلُ في دين الله ما ليس منه ويُخرج من دين الله ما كان منه.
ومن تلك الألفاظ تسمية الدين بالتقاليد فالتعبير عن دين الإسلام بأنه تقاليد وعادات يجعل هذا الدين عرضة للتغيير والتبديل، لأنه مجرد تقاليد سار عليها المسلمون أخذوها عن آبائهم وليس دينا مستمد من هذا الوحي العظيم، وقد أنكرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء تسمية دين الإسلام بالتقاليد
وهكذا حينما يرفضون تسمية الكافر بالكافر ويُملُون علينا بأن نسميه بغير المسلم أو نسميه بالآخر فهذا الإملاء مع تنحية اللفظ الشرعي يدل على عدم القناعة بالألفاظ الشرعية والانغراق في المصطلحات المفروضة علينا من الغرب.
وهكذا حينما يزحزحون لفظ الزكاة فلا يرون تسميتها بالزكاة
وإنما يدعون إلى تسميتها بالمساعدات الإنسانية وهذه العبارة (العمل الإنساني)
يغرق فيها معنى الزكاة فالزكاة لها أهلها وتؤخذ من أهلها فهل لفظ العمل الإنساني موصل إلى معنى الزكاة بحقيقة،
ثم لفظ العمل الإنساني يشترك فيه المسلم والكافر اليهودي والنصراني وحينما يظهر هذا القصد.
وهو قصد الانسانية فقدزحزح القصدالشرعي المطلوب وهو العمل لله والإخلاص لله جل وعلا ولا خير في لفظ ينتزع منه الإخلاص لله جل وعلا ولذلك فإن من الخطأ أن تحارب الألفاظ الشرعية،
وأن تُستبدل بألفاظ تضيع فيها المعاني الشرعية.
فيجب على أهل الإسلام علماءً وحكام ودعاة مربين وإعلاميين أن يقفوا أمام هذه المصطلحات الحادثة الخطيرة التي تريد أن تزحزح اللفظ الشرعي، فغياب اللفظ الشرعي طريق إلى غياب معناه الصحيح.
الوقفة الثالثة:
ليس من العقل أن يزاح اللفظ الشرعي ويوضع بدله لفظ ملتبس اختلف الناس في معناه.
الوقفة الرابعة:
الألفاظ الشرعية لها حرمة كلفظ الصلاة والزكاة هذا اللفظ يختلف عن العمل فكما أن عمل هذه الشعيرة محترم فإن اللفظ الذي جاء في الشريعة لها محترم أيضاً وإحياء الألفاظ الشرعية وإخراجها من أقوى عوامل اتصال حاضر الأمة بماضيها، وأقوى في النهوض بالدعوة، وأدعى لبقاء هذا الدين في النفوس
يقول الشيخ بكرابوزيد رحمه الله:
(إن حفاوة الأمة والتزامها بمصطلحاتها عنوان لعزتها ومفتاح لاستغلالها وأداة بناءة في سبيل وحدتها وأصالتها وحصانة لكيانها تقاوم عوامل الانحلال والتفكك والتحدي لكل وافد عليها في هذا المجال من هجنة في اللسان وإبعاد في المعاني ومنابذة لشريعة الإسلام.)
انتهى كلامه. (5)
أيها الأحبة الألفاظ الشرعية لهاحرمة ومن تمام العلم البحث عن المراد بها، ومعرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم هو أصل العلم والإيمان والسعادة والنجاة، هو النور الذي يضيء في هذه الظلمات،
وقد كان السلف رحمهم الله تذهب أوقاتهم يحرصون فيها على تحديد الألفاظ وضبطها بالشكل، يجلسون الأوقات العديدة يضبطون الألفاظ بالشكل حتى لا تختلط المعاني ولا تتغير المفاهيم، لأن الألفاظ لها دلالاتها،
اما اليوم ففي سنوات قليلة عرف الغرب أن هذا هو المدخل الخطير إلى تغيير الأمة الإسلامية، فإذا بهم يحاربون هذه الألفاظ ويدعون إلى زحزحتها عن الأمة الإسلامية، بخلاف سلفنا الماضين الذين أمضوا أعمارهم لنقل هذه الألفاظ وضبطها بالشكل وبيان معانيها وفهمها وإفهامها للناس،
ومن المعلوم أيها الاخوة أن قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم معصوم من الخطأ،
وكل لفظ جاء في القرآن والسنة يجب التصديق به، وفي قول الله جل وعلا] واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا [
قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله: التلاوة هي الإتباع أي اتبع ما أوحى الله إليك بمعرفة معانيه وفهمها وتصديق أخباره وامتثال أوامره ونواهيه فإنه الكتاب الجليل الذي لا مبدل لكلماته أي لا تغير ولا تبدل لصدقها وعدلها وبلوغها من الحسن فوق كل غاية] وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا [
فلكمالها استحال عليها التغيير والتبديل فلو كانت ناقصة لعرض لها ذلك أو شيء منه انتهى كلامه رحمه الله. (6)
وقال ابن القيم رحمه الله:
(فتولد من هجران ألفاظ النصوص والإقبال على الألفاظ الحادثة وتعليق الأحكام بها على الأمة من الفساد مالايعلمه إلا الله فألفاظ النصوص عصمة وحجة بريئة من الخطأ والتناقض والتعقيد والاضطراب.)
¥