بِمُعَذَّبِينَ (35)) (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ) (وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأَوَّلِينَ) وقال في مدح القلة التي معها الحق: (حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ) (وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ).
. السادسة: الاحتجاج بالمتقدمين , كقوله: (فما بال القرون الأولى: [طه: 51] (ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين) [المؤمنون: 24].
هذه المسألة قريبة من المسألة الرابعة , وهي الاحتجاج بما كان عليه المتقدمين من غير تحكيم للعقل ولا النظر في الدليل.
- قوله (فمال بال القرون الأولى): قال ابن كثير: "أصح الأقوال في معنى ذلك: أن فرعون لما أخبره موسى بأن ربه الذي أرسله هو الذي خلق ورزق وقدر فهدى، شرع يحتج بالقرون الأولى، أي: الذين لم يعبدوا الله، أي: فما بالهم إذا كان الأمر كما تقول، لم يعبدوا ربك (5) بل عبدوا غيره؟ فقال له موسى في جواب ذلك: هم وإن لم يعبدوه فإن عملهم (6) عند الله مضبوط عليهم، وسيجزيهم بعملهم في كتاب الله، وهو اللوح المحفوظ وكتاب الأعمال، {لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى} أي: لا يشذ عنه (7) شيء، ولا يفوته صغير ولا كبير، ولا ينسى شيئًا. يصف علمه تعالى بأنه بكل شيء محيط، وأنه لا ينسى شيئًا، تبارك وتعالى وتقدس، فإن علم المخلوق يعتريه نقصانان (8) أحدهما: عدم الإحاطة بالشيء، والآخر نسيانه بعد علمه، فنزه نفسه عن ذلك " [13] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn13).
قال قوم هود: " إن هذا إلا اختلاق " قال ابن عباس: دين الأولين , وقال كفار قريش: " ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق " الملة الآخرة: النصرانية , اختلاق: كذب.
المسألة السابعة: الاستدلال بقوم , أعطوا قوى في الأفهام والأعمال , وفي الملك , والمال , والجاه؛ فرد الله ذلك بقوله: (ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه) الآية [الأحقاف: 26] وقوله (وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به) [البقرة: 89] وقوله: (يعرفونه كما يعرفون أبناءهم) الآية [البقرة: 146].
يحتجون بالأقوام السابقة بأن لهم ملك وجاه وسلطان وأموال , (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا).
- (ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه):- قال ابن جرير: " يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِكُفَّارِ قُرَيْشٍ: وَلَقَدْ مَكَّنَّا أَيُّهَا الْقَوْمُ عَادًا الَّذِينَ أَهْلَكْنَاهُمْ بِكُفْرِهِمْ فِيمَا لَمْ نُمَكِّنْكُمْ فِيهِ مِنَ الدُّنْيَا، وَأَعْطَيْنَاهُمْ مِنْهَا الَّذِي لَمْ نُعْطِكُمْ مِنْهُمْ مِنْ كَثْرَةِ الأَمْوَالِ، وَبَسْطَةِ الأَجْسَامِ، وَشِدَّةِ الأَبْدَانِ. "ثم قال عن قتادة " قَوْلَهُ: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ}: أَنْبَأَكُمْ أَنَّهُ أَعْطَى الْقَوْمَ مَا لَمْ يُعْطِكُمْ.
- وَقَوْلُهُ: {وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا} يَسْمَعُونَ بِهِ مَوَاعِظَ رَبِّهِمْ، وَأَبْصَارًا يُبْصِرُونَ بِهَا حُجَجَ اللَّهِ، وَأَفْئِدَةً يَعْقِلُونَ بِهَا مَا يَضُرُّهُمْ وَيَنْفَعُهُمْ {فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ} يَقُولُ: فَلَمْ يَنْفَعْهُمْ مَا أَعْطَاهُمْ مِنَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْفُؤَادِ إِذْ لَمْ يَسْتَعْمِلُوهَا فِيمَا أُعْطُوهَا لَهُ، وَلَمْ يُعْمِلُوهَا فِيمَا يُنْجِيهِمْ مِنْ عِقَابِ اللَّهِ، وَلَكِنَّهُمُ اسْتَعْمَلُوهَا فِيمَا يُقَرِّبُهُمْ مِنْ سَخَطِهِ ". [14] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn14)
¥