ثم تعرض للزيادة التي نقلها البخاري: قال سفيان: قال عبيدالله أخبرني أنه رأى نافع بن جبير أوتر بركعة.
مرة ثانية حشر نفسه في أمر لا ناقة له فيه ولا جمل ... كالدرويش يرى الطبيب الجراح يبتر رجلا مصابة بالغرغرينة ويصيح "يا ويلك من الله يا سفاح؟ لماذا قمت بهذا العمل الشنيع؟ "
هل سيلوم أحد الطبيب لو رد عليه بابتسامة ... أو ركله بحذائه الناصع السواد ... أو حتى لو نفاه من المدينة كلها بتهمة السذاجة العظمى؟
لا أظن!
كان المحدثون قد اختلفوا في لقاء "عبيدالله" أحد رجال السند لشيخه نافع ... فقال بعضهم لقيه ... وبعضهم قال لم يلقه .. فبناء على القول بعدم اللقيا تكون أي رواية يرويها عبيدالله عن نافع فهي غير موصولة ... جاء البخاري وحل هذا الإشكال بعد أن روى رواية بهذا السند المختلف فيه ... وذكر هذه الزيادة ... كأنه يقول لمن حوله من المتخصصين يا جماعة ثبت أن عبيدالله رأى نافعا يوتر بركعة ... وهذا يعني أنه قد لقيه ... فلا يوجد داعي للطعن في روايته هذه ... وهكذا رفع الخلاف!
سامحك الله يا البخاري ... ألم تكن تعلم أن هناك متلبسين بغير أثوابهم سيقرؤون هذا الكلام ولم يعلم لهم لا حديث ولا فقه ولا لغة ... وسيصيب أفهامهم بالاضطراب!
لما الطبيب يكتب وصفة للمريض لا يتجرأ المريض أن يسأل الطبيب كيف يعمل هذا الدواء في الجسم ... ما يهم المريض كون الدواء يعالج شكواه ... ولا يسأل الطبيب إلا طبيب مثله يعرف عن ماذا يسأل ولماذا يسأل! ... لكن لما يكون موضوع الدردشة وشاي الضحى "الدين والحديث" ... فالدين ليس حكرا على المعممين وكلنا مسلمين يا جماعة!
ثالثا: اعتبر حديث رسول الله أن الفئران مسخ من بني إسرائيل من قبيل الخيالات والأساطير
ومرة أخرى أصيب بمتلازمة "الجهل المركب الوبائي" .. كان رسول الله ظن أن من مسخ من بني إسرائيل لهم عقب ... فلذلك ثبت أنه امتنع عن أكل الضب وقال إن أمة مسخت فلا أدري لعل هذا منها ... وقال أيضا: أمة من الأمم فقدت فالله أعلم الفأر هي أم لا .... ثم لما أوحي إليه وتيقن قال "ما مسخ الله تعالى من شيء وكان له عقب و لا نسل" وتشبث ابن قرناس بظن رسول الله عليه السلام الأول ... ولو سمع القصة كاملة قبل أن ينام ... أو لو كلف نفسه شراء كتاب حديث آخر ... لعلم أن الوحي قد بلغ الرسول الأعظم أنه "لا يولد لمسخ" وهكذا صحح الله ذلك الظن لرسول الله!
وأنت يا قرناس قرآني ولا فخر ... فهل نسيت أن الله قد صحح بعض تصرفات وأفعال الرسول عليه السلام كقوله تعالى " عفا الله عنك لما أذنت لهم " ... فلا أظنك ستطعن أيضا في هذا التصحيح لأنه يوافق أصول "مذهبك القرآني" ... أما إذا كنت تنكر وقوع المسخ وتستحيله بعقلك .... فيكفينا في الرد عليك قوله تعالى " كونوا قردة خاسئين " وقوله تعالى "وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير"
رابعا:نسب - ابن قرناس - على طريق الاستهزاء لابن عمر الجلوس على القبر ... واعتبرها سنة مؤكدة لمواظبة ابن عمر عليها!
وليته ينورنا من قال بأن الجلوس على القبر سنة مؤكدة ... والعلماء بين تحريمه وكراهته وتأويله على تفصيلات أخرى فرعية!
علاوة على أن فعل الصحابي ليس حجة في الدين فالعبرة بما روى لا بما رأى. أضف على ذلك أن نصوصا أخرى نهت عن الجلوس على القبر!
على العموم لا أظن أن ذلك يهمك لأن الانتقائية داء بحوث عصر السرعة ... وقد دخل عليك حتى في نقولاتك يا استاذ قرناس!
خامسا: ذكر حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله أمر بمحو ما سوى القرآن .... ليجعله جسرا لدعوة الناس لمحو السنة!
عجبت - وأنت تشن الغارات على الحديث - كيف قبلت بهذا الحديث وهو حديث ربما من وضع بني أمية أو من حكايا القصاص والوعاظ أو من ألاعيب الأحزاب السياسية؟
وتغاضيت عن حديث "اكتبوا لابن أبي شاة" وهو حديث مثله مثل حديث أبي سعيد الخدري وثبتت صحته بنفس منهج أهل الحديث؟
أم أنه قد وافق شن طبقه؟
ثم أليس القرآن قد ثبت بنفس الطريقة التي ثبتت بها الأحاديث ألا وهو الاسناد المتواتر ... وأيضا في السنة يوجد متواتر تضرب حضرتك به عرض الحائط ولا تؤمن به! فكيف تفرق بين المجتمعات بدون دليل سوى أنك اعتقدت ثم استدللت!
¥