قال النووي: واختلف أصحابنا في هذا المنع فقال الجمهور: هو منع تنزيه لا تحريم وسببه الصيانة والاحتراز من مقارنة النساء للرجال من غير حاجة ولا صلاة وإنما لم يحرم لأنه ليس مسجداً وحكى أبو الفرج الدارمي من أصحابنا عن بعض أصحابنا أنه قال يحرم المكث في المصلى على الحائض كما يحرم مكثها في المسجد لأنه موضع للصلاة فأشبه المسجد والصواب الأول ().
قال الحافظ ابن حجر: وحمل الجمهور الأمر المذكور على الندب لأن المصلى ليس بمسجد فيمتنع الِحيضُ من دخوله، وأغرب الكرماني فقال: الاعتزال واجب والخروج والشهود مندوب مع كونه نقل عن النووي تصويب عدم وجوبه وقال بن المنير: الحكمة في اعتزالهن أن في وقوفهن وهن لا يصلين مع المصليات إظهار استهانة بالحال فاستحب لهن اجتناب ذلك ().
قال النووي: في الكلام على قوله ? إن حيضتك ليست في يدك معناه: أن النجاسة التي يصان المسجد عنها هي الدم فقط ().
الدليل الثالث:
وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: جاء رسول الله ? ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد، ثم دخل النبي? ولم يصنع القوم شيئاً رجاءَ أن تنزل فيهم رخصة، فخرج إليهم بعد فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحلّ المسجد لحائض ولا جنب ().
الدليل الرابع:
عن أم سلمة رضي الله عنها قال: دخل رسول الله ? صرحة هذا المسجد فنادى بأعلى صوته: إن المسجد لا يحل لجنب ولا لحائض إلا لمحمد وأزواجه وعلي وفاطمة بنت محمد ? ألا هل بينت لكم الأسماء أن لا تضلوا ().
الدليل الخامس:
عن أبي سعيد الخدري ? قال: قال رسول الله ? لعلي: يا علي لا يحل لأحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك، قال علي بن المنذر: قلت لضرار بن صرد: ما معنى هذا الحديث قال لا يحل لأحد يستطرقه جنباً غيري وغيرك قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وسمع مني محمد بن إسماعيل هذا الحديث فاستغربه ().
وجه الدلالة:
دلت هذه الأحاديث على منع الجنب والحائض من دخول المسجد، قال الشوكاني: وهي تدل على عدم حل اللبث في المسجد للجنب والحائض ().
استدل أصحاب القول الثاني: بما يأتي:
الدليل الأول:
عن عائشة رضي الله عنها قالت:قال لي رسول الله ?: ناوليني الخمرة من المسجد فقلت إني حائض فقال: إن حيضتك ليست في يدك ().
الدليل الثاني:
عن أبي هريرة ? أن النبي ? لقيه في بعض طريق المدينة وهو جنب فانخنست منه فذهب فاغتسل ثم جاء فقال: أين كنت يا أبا هريرة قال:كنت جنباً فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة فقال:سبحان الله إن المسلم لا ينجس ().
الدليل الثالث:
عن أبي هريرة ? قال: بعث رسول الله ? خيلاً قِبَل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن آثال سيد أهل اليمامة فربطوه بسارية من سواري المسجد فخرج إليه رسول الله ? فقال: ماذا عندك يا ثمامة؟ فقال: عندي يا محمد خير إن تقتل، تقتل ذا دم وإن تنعم، تنعم على شاكر وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت فتركه رسول الله ? حتى كان بعد الغد فقال: ما عندك يا ثمامة؟ قال ما قلت لك إن تنعم، تنعم على شاكر وإن تقتل، تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت فتركه رسول الله ? حتى كان من الغد فقال: ماذا عندك يا ثمامة؟ فقال: عندي ما قلت لك إن تنعم، تنعم على شاكر، وإن تقتل، تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت فقال رسول الله ? أطلقوا ثمامة فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، يا محمد والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلي، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك فأصبح دينك أحب الدين كله إلي، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إلي، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى فبشره رسول الله ?، وأمره أن يعتمر فلما قدم مكة قال له قائل: أصبوت؟ فقال: لا ولكني أسلمت مع رسول الله ? ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله ? ().
الدليل الرابع:
¥