تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والحاصل أن الأصل الحل فلا تثبت الحرمة إلا بدليل يسلمه الخصم ولا دليل في المقام صحيح صريح، بل أدلة القائلين بالمنع صحيحها غير صريح وصريحها غير صحيح، والتمسك بالأصل المعتضد بالبراءة الأصلية هو وظيفة المنصف الذي لم يخبط بسوط هيبة الجمهور لاسيما وقد أيد هذا الأصل حديث عائشة المتقدم بلفظ: (إن حيضتك ليست في يدك) وحديث عمر السابق المتفق عليه بأن المسلم لا ينجس، وسبق كلام ابن كثير في تفسيره حيث قال: وفيه دلالة على جواز مرور الحائض في المسجد والنفساء في معناها ().

وكذلك ابن عبد البر قال: لا خلاف بين العلماء في طهارة عرق الجنب وعرق الحائض وفي قوله ? إن حيضتك ليست في يدك دلالة على أن كل عضو منها ليست فيه الحيضة فهو في الطهارة بمعنى أنه يبقى على ما كان ذلك العضو عليه قبل الحيضة، ودل على أن الحيض لا حكم له في غير موضعه الذي أمرنا بالاجتناب له، وفيه دليل على طهارة الحائض وأنه ليس منها شيء نجس غير موضع الحيض ().

قال الألباني: والقول عندنا في هذه المسألة من الناحية الفقهية كالقول في مس القرآن من الجنب للبراءة الأصلية وعدم وجود ما ينهض على التحريم ().

ومن ذلك جواز اعتكاف المستحاضة في المسجد فعن عائشة رضي الله عنها قالت اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه مستحاضة فكانت ترى الحمرة والصفرة فربما وضعنا الطست تحتها وهي تصلي " ().

قال العيني: ومما يستنبط منه جواز اعتكاف المستحاضة وجواز صلاتها لأن حالها حال الطاهرات وأنها تضع الطست لئلا يصيب ثوبها أو المسجد وأن دم الاستحاضة رقيق ليس كدم الحيض ويلحق بالمستحاضة ما في معناها كمن به سلس البول والمذي والودي ومن به جرح يسيل، ومما يستنبط منه جواز الحدث في المسجد بشرط عدم التلويث " ().

قال النووي:وأحسن ما يوجه به هذا المذهب أن الأصل عدم التحريم وليس لمن حرم دليل صحيح صريح ().

قال د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً: إن منع الحيض من حضور مثل هذه الدروس والحلقات العلمية لا يتفق مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن تفلات" أي بثياب العادة دون زينة أو طيب، بل في بعض روايات حديث أم عطية السابقة أنها سألت عن مثل هذا الخروج أهو عزيمة أو رخصة، حين قالت (أعلى إحدانا بأس إذا لم يكن لها جلباب ألا تخرج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم- مشيراً إلى أن الخروج في مثل هذه الحال هو أشبه بالعزيمة قال" لتلبسها صاحبتها من جلبابها" والنهي عن تلويث المسجد بدم الحيض أو دم الاستحاضة على السواء، ولهذا قال الحافظ ابن حجر في الفتح في شرح حديث المستحاضة التي اعتكفت مع الرسول صلى الله عليه وسلم: " فيه جواز مكث المستحاضة في المسجد، وصحة اعتكافها وصلاتها وجواز حدثها في المسجد إلى أن قال: الخلاصة بعد النظر والتأمل في النصوص وأقوال أهل العلم فيظهر لي والله أعلم جواز دخول الجنب والحائض المساجد كلها إذا أمن التلويث لأرض المسجد وفرشه، ودعت حاجة غير الصلاة في المساجد أو الطواف بالبيت ولا حاجة أكبر وأهم من حضور مجالس الذكر وحلق العلم تعلماً وتعليماً التي تعقد بين الحين والآخر في عموم مساجد المسلمين، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد ().

وبهذا يتبين لي رجحان ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني من جواز دخول الجنب والحائض المسجد ولبثهما فيه إن أمنت الحائض تلويثه، وأن الأفضل لمن أراد منهما اللبث في المسجد أن يتوضأ، كما نقل ذلك عن بعض الصحابة وهو قول أصحاب القول الثالث وذلك من باب الاستحباب والفضيلة فقط، وليس من باب الوجوب، وبذلك يتم الجمع بين القولين: الثاني، والثالث، للأدلة التي استدلوا بها والله تعالى أعلم.

جمعه وكتبه: أبو عبد الله

محمد بن محمد المصطفى

المدينة النبوية

1425 هـ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ

الحواشي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير