ـ[أبو المنذر السلفي الأثري]ــــــــ[13 - 10 - 10, 05:40 م]ـ
بل الخلاف شر كله
قال الشيخ العلامة ناصر الدين الألباني في مقدمة كتابه صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
قال بعضهم: لا شك أن الرجوع إلى هدي نبينا صلى الله عليه وسلم في شؤون ديننا أمر واجب لا سيما فيما كان منها عبادة محضة لا مجال للرأي والاجتهاد فيها لأنها توقيفية كالصلاة مثلا ولكننا لا نكاد نسمع أحدا من المشايخ المقلدين يأمر بذلك بل نجدهم يقرون الاختلاف ويزعمون أنها توسعة على الأمة ويحتجون على ذلك بحديث - طالما كرروه في مثل هذه المناسبة رادين به على أنصار السنة -: (اختلاف أمتي رحمة) فيبدو لنا أن هذا الحديث يخالف المنهج الذي تدعو إليه وألفت كتابك هذا وغيره عليه فما قولك في هذا الحديث؟
والجواب من وجهين:
الأول: أن الحديث لا يصح بل هو باطل لا أصل له قال العلامة السبكي:
(لم أقف له على سند صحيح ولا ضعيف ولا موضوع)
قلت: وإنما روي بلفظ:
(. . . اختلاف أصحابي لكم رحمة)
و (أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم)
وكلاهما لا يصح: الأول واه جدا والآخر موضوع وقد حققت القول في ذلك كله في (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة) (رقم 58 و59 و61)
الثاني: أن الحديث مع ضعفه مخالف للقرآن الكريم فإن الآيات الواردة فيه - في النهي عن الاختلاف في الدين والأمر بالاتفاق فيه - أشهر من أن تذكر ولكن لا بأس من أن نسوق بعضها على سبيل المثال قال تعالى: ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم [الأنفال 46]. وقال: ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون [الروم 31 - 32]. وقال: ولا يزالون مختلفين. إلا من رحم ربك [هود 118 - 119] فإذا كان من رحم ربك لا يختلفون وإنما يختلف أهل الباطل فكيف يعقل أن يكون الاختلاف رحمة
فثبت أن هذا الحديث لا يصح لا سندا ولا متنا وحينئذ يتبين بوضوح أنه لا يجوز اتخاذه شبهة للتوقف عن العمل بالكتاب والسنة الذي أمر به الأئمة
وأما استلالك برواية عن مالك رحمه الله فاليك أصلها
ثم قال رحمه الله (الألباني) في نفس الكتاب (صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم "المقدمة": -
فإن قال قائل: يخالف ما ذكرته عن الإمام مالك أن الحق واحد لا يتعدد ما جاء في كتاب (المدخل الفقهي) للأستاذ الزرقا (1/ 89):
(ولقد هم أبو جعفر المنصور ثم الرشيد من بعده أن يختارا مذهب
الإمام مالك وكتابه (الموطأ) قانونا قضائيا للدولة العباسية فنهاهما مالك عن ذلك وقال:
(إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في الفروع وتفرقوا في البلدان وكل مصيب)
وأقول: إن هذه القصة معروفة مشهورة عن الإمام مالك رحمه الله لكن قوله في آخرها: (وكل مصيب) ما لا أعلم له أصلا في شيء من الروايات والمصادر التي وقفت عليها اللهم إلا رواية واحدة أخرجها أبو نعيم في (الحلية) (6/ 332) بإسناد فيه المقدام بن داود وهو ممن أوردهم الذهبي في (الضعفاء) ومع ذلك فإن لفظها: (وكل عند نفسه مصيب) فقوله: (عند نفسه) يدل على أن رواية (المدخل) مدخولة وكيف لا تكون كذلك وهي مخالفة لما رواه الثقات عن الإمام مالك أن الحق واحد لا يتعدد كما سبق بيانه وعلى هذا كل الأئمة من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة المجتهدين وغيرهم .................................................. .......................
فإن قيل: إذا ثبت أن هذه الرواية باطلة عن الإمام فلماذا أبى الإمام على المنصور أن يجمع الناس على كتابه (الموطأ) ولم يجبه إلى ذلك
فأقول: أحسن ما وقفت عيه من الرواية ما ذكره الحافظ ابن كثير في (شرح اختصار علوم الحديث) (ص 31) وهو أن الإمام قال:
(إن الناس قد جمعوا واطلعوا على أشياء لم نطلع عليها)
وذلك من تمام علمه وإنصافه كما قال ابن كثير رحمه الله تعالى
(((((وقال أشهب:
(سئل مالك عمن أخذ بحديث حدثه ثقة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أتراه من ذلك في سعة
فقال: لا والله حتى يصيب الحق ما الحق إلا واحد قولان مختلفان يكونان صوابا جميعا ما الحق والصواب إلا واحد)))))))
فثبت أن الخلاف شر كله وليس رحمة ولكن منه ما يؤاخذ عليه الإنسان كخلاف المتعصبة للمذاهب ومنه ما لا يؤاخذ عليه كخلاف الصحابة ومن تابعهم من الأئمة حشرنا الله في زمرتهم ووفقنا لاتباعهم
فظهر أن اختلاف الصحابة هو غير اختلاف المقلدة
وخلاصته:
أن الصحابة اختلفوا اضطرارا ولكنهم كانوا ينكرون الاختلاف ويفرون منه ما وجدوا إلى ذلك سبيلا
وأما المقلدة - فمع إمكانهم الخلاص منه ولو في قسم كبير منهم - فلا يتفقون ولا يسعون إليه بل يقرونه فشتان إذن بين الاختلافين
ذلك هو الفرق من جهة السبب
وأما الفرق من جهة الأثر فهو أوضح وذلك أن الصحابة رضي الله عنهم - مع اختلافهم المعروف في الفروع - كانوا محافظين أشد المحافظة على مظهر الوحدة بعيدين كل البعد عما يفرق الكلمة ويصدع الصفوف.أهـ
ــــــــــــــــــــــــ
وأرجو منك أخي الكريم أن تعزو كلام الأئمة إلى مصادره ليتسنى لنا الرجوع إليه وإلا هكذا ما أدراني أن هذا الكلام صحيح (مع احترامي لشخصكم الكريم)
¥