تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قراءة في ظاهرة التطاول على «النِّقاب» ـ صلاح بن فتحي هَلَل

ـ[عمرو صلاح الدين]ــــــــ[17 - 10 - 10, 02:58 م]ـ

Normal 0

بسم الله الرحمن الرحيم

قراءة في ظاهرة التطاول على «النِّقاب»

صلاح بن فتحي هَلَل

19/ 1/ 1431

الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على المبعوث رحمة للعالمين، ورضي الله عن آله وصَحْبِه أجمعين، ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين، أما بعد:

فقد رجعت من جديدٍ "معركة النِّقاب"، التي يخوضها ضد معارضيه ومخالفيه، الذين اعتادوا إشعال فتيل الحرب ضده؛ كلما سنحتْ لهم الفرصة.

وعاد المعارضون إلى تطاولاتهم على "النِّقاب" ووصمه بما قدروا عليه مِن اتهامات "التخلُّف" و"منع التواصل بين فئات المجتمع" وغير ذلك مما هو معلومٌ في كلامهم الذي تجري به "وسائل الإعلام" في أيامنا هذه.

وقَوَّى المعارضون ما فاهوا به ببعض الزلَّات الصادرة عن شخصياتٍ إسلاميةٍ لها "رمزيّتها" في العالم الإسلامي، فلبس المعارضون لباس المفتين والعلماء، وخاضوا في صياغة حكم النقاب الشرعي بما يوافق أغراضهم، فبدأ كلامهم بالتهوين مِن شأنه وانتهى إلى القطع بعدم إسلاميَّته.

فكأَنَّ المَعَرِّي قصدَهم بقوله (1):

هلْ صَحَّ قولٌ مِن الحاكي فَنَقْبَلَهُ ... أَمْ كلُّ ذاكَ أَباطِيلٌ وأَسْمَارُ؟

أَمَّا العقولُ فَآلَتْ أنَّهُ كَذِبٌ ... والعقلُ غَرْسٌ له بالصِّدْقِ إِثْمارُ

وبقوله (2):

قَدْ بالَغُوا في كلامٍ بَانَ زُخْرُفُهُ ... يُوهِي العُيونَ، ولم تَثْبُتْ له عَمَدُ

وما يَزالونَ، في شَامٍ وفي يَمَنٍ ... يَسْتَنْبِطُونَ قياسًا مَا لَهُ أمَدُ

فَذَرْهُمُ ودَنَايَاهُمْ، فقدْ شُغِلُوا ... بها، ويَكْفِيكَ منها القادرُ الصَّمَدُ

وكأَنَّ "النقاب" يُردِّد مع المعرِّي قوله (3):

بأيِّ لسانٍ ذَامَنِي (4) مُتَجَاهِل ... عَلَيَّ، وخَفْقُ الرِّيحِ (5) فِيَّ ثَنَاءُ

تكلَّمَ بالقولِ المُضَلِّلِ حاسِدٌ ... وكلُّ كلامِ الحاسدين هُرَاءُ

ومَنْ هُوَ، حَتَّى يُحْمَلَ النُّطْقُ عن فَمِي ... إِليه، وتَمْشِي بيننا السُّفَرَاءُ؟

وكأَنَّ المنتقبة تردِّد مع المعرِّي قوله (6):

تُعَدُّ ذُنوبي عند قومٍ كثيرةً ... ولا ذنبَ لي إِلَّا العُلَى والفَواضِلُ

وقد سارَ ذِكْرِي في البلادِ، فَمَن لهمْ ... بإِخْفَاءِ شمْسٍ، ضَوْؤُها مُتَكَامِلُ؟

وأَغْدو، ولو أَنَّ الصَّباحَ صَوَارِمٌ (7) ... وأَسْرِي (8)، ولو أَنَّ الظلامَ جَحَافِلُ

ولَمَّا رأَيتُ الجهلَ في النَّاسِ فاشِيًا ... تَجَاهَلْتُ، حتى ظُنَّ أَنِّيَ جَاهِلُ إِذا أَنتَ أُعْطِيتَ السعادةَ لَمْ تُبَلْ (9) ... وإِنْ نظرَتْ، شَزْرًا، إليكَ القَبَائِلُ

فلندَع المَعَرِّيَّ ولنرجع إلى ما نحن فيه حيثُ الأمر لم يعُد مقتصِرًا على بلدٍ دون أخرى، وإنما أصبح التطاول على النِّقاب ظاهرةً عالميَّة، تستدعي إعادة قراءة المسألة مرةً أخرى، للوقوف على أبعادها الحقيقية.

وهذا يستلزم الكلام في أكثر مِن جهةٍ أقتصر منها الآن على أمرين؛ أحدهما: مِن جهة الدليل على شرعية النِّقاب، والثاني: مِن جهة حقيقة الخلاف بين النقاب ومعارضيه.

فأما مِن جهة الدليل على شرعية النِّقاب:

فالنقاب كغيره مِن شئون المسلمين، لا يمكن الوقوف على حُكْمِ شيءٍ منها بمعزلٍ عن الإسلام بشموليته وترابط أركانه وتشريعاته، فكان لزامًا على مَن أراد الوقوف على حكم النقاب مِن جهة الشرع أنْ يضعه في مكانه بين النصوص والشرائع الإسلامية، ويُعيد قراءة الصورة مِن كلِّ زواياها وأطرافها؛ لتظهر له المسألة بوضوحها وكمالها؛ كما هي في حقيقتها، لا كما يُرَاد لها أن تكون.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير