تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من الكفر والإباحية إلى عقوبات العدميَّة (1 - 10)

ـ[مبارك]ــــــــ[17 - 10 - 10, 03:46 م]ـ

إذا قلتَ: (كفر اللهَ) فعدَّيت الفِعْل بلا حرف جر فالمعنى جحد الله نهائياً؛ وذلك هو الدين الماركسي الذي أبدعته الصهيونية العالمية، ثم بعد ذلك ما تقيَّأتْهُ من الدين العلماني، وهو دين الدَّهريين قديماً، وهم قلة تغلب عليهم الأُميَّة، ولا دولة لهم، ولكنهم ورثوا دين الهالكين كعاد الذين قال الله عنهم: {أَلا إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ} (سورة هود 60)، وثمود الذين قال الله عنهم: {أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ} (سورة هود 68) .. وإذا قلت: (كفر بربه) فعديت الفِعْل بحرف الجر فمعنى ذلك أنه جحد شيئاً أو أشياء من حق ربه على وجه الكمال المطلق، ويدخل في هذا الجحدِ جحدُ شيئ أو أشياء مما صدر عن كماله المطلق كشرعه المعصوم، وأنبيائه المعصومين، وما أخبر به من الغيب، وما شرعه لسعادة البشر في دنياهم وآخرتهم .. وهذا هو كفر أكثر أهل الفترة الذين آمنوا بالله رباً وأشركوا به، وهو الغالب عند أهل الكتب المنزَّلة التي جنوا عليها بالتحريف والتبديل والإسقاط والإضافة .. وقد قضى تدبير الله جل جلاله أن لا يستأصلهم بالهلاك كما استأصل مَن جحدوا ربهم كعاد وثمود؛ ولكن عقوبات الله تترى لعلهم يرجعون؛ وبالاستقراء التاريخي لم نجد بقاع السبق للعلم المادي الحديث من القسم المعمور من المعمورة، ولم نجد الرسالات الإلهية إلا في بلاد الشرق، ووجدنا هذه البقاع هجراتٍ من الشرق، وهجرات من بلدان هاجر إليها أهل الشرق.

قال أبو عبدالرحمن: ولقد جُبلتُ على فضولٍ من حبِّ الاستطلاع حال بيني وبين التفرُّغ التخصصي لحقل أو أكثر من حقل .. لا تفرُّغ استقراء، ولكن تفرُّغ ذي الأرشيف المحصي لأرقام أضابيره، المحصي لمحتوياتها إجمالاً، الصارف عمره في هذه الدائرة الأبديَّة .. كنت أحب أن أعرف ما أقدر على معرفته وإن كان غريباً على تكويني وبيئتي وما دُرِّبت عليه من العلوم؛ ولهذا أثقلتُ مكتبتي بتأليفات وبكتب مترجمة عن الأعباء التي بين الكفر والإباحية وبين العدمية؛ فعنيت بالدادية والسريالية واللامعقول وكل ما في الوجودية من الغثيان والهيبية والعدمية، وما كُتِبَ في التلذُّذ بممارسة المحرمات التي جعلها أمثال اسْبينوزا اليهودي حقاً طبيعياً مشروعاً، وتابعت عقوبات من الله لا تزال تترى أحصاها المؤرخون من أمثال ول ديورانت في قصة الحضارة، وأحصاها المتخصصون في إحضار الوقائع السيئة من سلوك البشر أمثال (ميشيل فوكو) في كتابه (تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي) وما هو إلا جنون القوم الراهن الآن، وقد نقله من الفرنسية سعيد بنگراد بأسلوب أعجمي .. ومن الكوارث التي أحصاها (وهي التي استأصلت كثيراً منهم) الجذامُ، ثم الأمراض التناسلية كالزهري وقد تأصلت اليوم في الإيدز، والأعاصير في الأعوام الأخيرة المسلَّطة على جزيرة جمهور سكانها من المفسدين في الأرض الصهاينة الأرذال .. ولا تنسَ ما هو موت بطيئ من الكوارث الراهنة؛ فينشأ أحدهم على مبدإ (كُلْ بذراعك أو مُتْ)؛ لارتفاع أواصر الرحم وذوي القربى، والإيثار، والضمان الاجتماعي .. وكل هذا تكوَّن فطرة وديانة من غير تنظيم إداري لدى المسلمين، وهو فطرة عند العرب في جاهليتهم، ثم عَمَرَه اللهُ بالشرع الإسلامي .. وليس هناك علاج شرعي معصوم عند القوم لم يدخله خلل؛ فكانت الوحدة ظاهرة أغلبية، وكان الشح والعبودية للمال بأي طريق ديانة، وكان لا يقوى الفرد على العيش إلا بالربا المضاعَف من بنوك الصهيونية؛ فيظل تحت وطأة الدين مدى عمره، وليس هناك صلة بالرب في جوف الليل وأطراف الليل والنهار تشرح الصدر وتزيل الكرب عن دين صحيح؛ وإنما التداوي بالإباحية، وليس كل واحد قادر على الغرق فيها؛ لشحِّ الموارد؛ فتولَّد من ذلك القلق والأمراض النفسية والجنون والانتحار والعدمية؛ لأن القادر على استهلاك الإباحية أنهك جسده وروحه وعقله، وغير القادر أنهكه الغبن.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير