تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

السلف لضلال الأجناد ما بين كائدٍ للإسلام ومضلَّلٍ به بصيغة اسم المفعول، ولسماحة عثمان رضي الله عنه، وثقته بإخوانه من الصحابة رضي الله عنهم؛ إذْ لم يأخذ بشدة عمر رضي الله عنه: سمح لهم بمغادرة المدينة المنورة؛ فازداد حبهم له، ولكن وقع التأثير عليهم من الأجناد الخاسئة.

قال أبو عبدالرحمن: الله غالب على أمره؛ فإن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه لما تخلَّى عن الأمر وهو من أهل الشورى كان دأبه اختيار مَن هو أولى بعد أخذ العهد عليه أن يسير سيرة الشيخين رضي الله عنهم؛ فبدأ بعليٍّ رضي الله عنه فأبى عليُّ التعهد بما طُلب منه تورُّعاً منه أن يقع في التقصير؛ فما وجد أفضل من عثمان رضي الله عنه على كِبر سنه وضعفه، وقدر الله نافذ، وأخبار الشرع الصحيحة وردت بما سيحدث ابتلاء لإيمان الأمة، ولو تقلَّد عليٌّ رضي الله عنه الأمرَ أولاً، ووعد بالتزام سيرة الشيخين حسب قدرته لاختلف الوضع كثيراً؛ لأن جنده خيار الأمة في الحجاز، ولم يوجد بعد استفحال للتضليل؛ فينقل الخلافة إلى الكوفة .. ولكان يُغيِّر الأمراء بالتدريج، وينقل بعضهم كمعاوية رضي الله عنه إلى جهة أخرى؛ فلا يُعْرِق بالأعوان والاستقلال بالسلطة، ولن يوجد لديه أو لدى غيره إباء؛ لأنه لم ترد شُبَهٌ تقتضي التذرع، ولَحَسَمَ الأمر مع الأجناد ومَن في صفهم من الكائدين بحرب أو سلم .. وأما طمع معاوية رضي الله عنه في السلطة اغتصاباً؛ فهو غير لاحق بالسلف من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار إلا بما عنده من حُسْنِ الاتباع؛ لتأخر إسلامه؛ وإذن فهو إنما يوافَق بما كان منه اتباعاً بإحسان، وأهل بيته هم أهل السيادة على قريش في الجاهلية، وأبوه أبو سفيان رضي الله عنه زعيمها، وعلي رضي الله عنه ذو البلاء الباهر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فواجَه محاربة كفار قريش مبارزة وشقَّاً للصفوف بالإطاحة برؤوس صناديدهم، وفيهم زعماء الكفر من بني عبد مناف قوم معاوية؛ فمعاوية رضي الله عنه لكل هذه الأمور طامع في الأمر بلا ريب، مضمر أن يسير في الأمة بالعدل والحلم؛ فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكمَه مُلْكَ رحمة لا خلافةً راشدة، وجعل جيشه الفئة الباغية؛ فهو رضي الله عنه على الدين والإيمان وعلى القصور عن درجة الخلافة الراشدة، وما حصل منه من معصية في سبيل حماية ملكه فإن الله يكفِّره بمحاسنه التي هي أكثر؛ فقد استمرت الفتوح، وبقي للفتوى والقضاء كلمتهما، ومخالفةُ من خالف عن تقصير لا عن تشريع يُخالف الحق، وحمى بالله ثم بدهائه دولة المسلمين من التمزق بين الأحزاب؛ فيكون لكل قطر أمير مؤمنين، وإلى لقاء، والله المستعان.

وكتبها لكم:

أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري

ـ عفا الله عنه ـ

الجزيرة: الأثنين 10 ذو القعدة 1431 العدد 13899

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير