[عصمة الأئمة بين أهل السنة والشيعة]
ـ[د. كيف]ــــــــ[01 - 05 - 02, 07:48 م]ـ
[عصمة الأئمة بين أهل السنة والشيعة]
من خلال (منهاج السنة النبوية)
بقلم: أحمد بن عبد الرحمن الصويان
من الكتب الجليلة التي ألفها شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله): (منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية)، ردّ فيه على كتاب: (منهاج الكرامة في إثبات الإمامة) لابن المُطَهّر الحلي الرافضي، وقد طبع أخيراً بعناية الدكتور محمد رشاد سالم (رحمه الله) (*)، وتأتي أهمية هذا السفر الجليل لعدة أسباب، أذكر منها:
1 - أنّ الشيعة من أقدم الفرق ظهوراً في التاريخ الإسلامي، ومن أكثرها انتشاراً في العصر الحاضر.
2 - أن ابن تيمية اهتم بالردّ عليهم معتمداً على النقل الدقيق من أكثر كتبهم رواجاً وانتشاراً في عصره.
3 - أن ابن المطهر الحلي الذي ردّ عليه ابن تيمية كان يُعدّ عند الإمامية أفضلهم في زمانه، بل يقول بعضهم: ليس في بلاد المشرق أفضل منه في جنس العلوم مطلقاً (1).
4 - يُعدّ كتاب (منهاج السنة النبوية) من أوسع كتب أهل السنة وأجمعها في الرد على الشيعة الإمامية خاصة، وقد استوعب ابن تيمية فيه الرد على كثير من شبهاتهم وافتراءاتهم التي كانوا وما زالوا يرددونها، ويكتبون فيها الرسائل والمدونات.
5 - وحيث إن مذهب الإمامية قد جمع عظائم البدع المنكرة ـ فإنّهم جهمية في الصفات، قدرية على مذهب المعتزلة، رافضة في الصحابة (2) ـ فإن ابن تيمية استطرد استطرادات نفيسة للرد على الجهمية والمعتزلة والفلاسفة .. وغيرهم من طوائف المبتدعة ورؤوس الضلال.
وقد ناقش ابن تيمية في هذا الكتاب مسائل متعددة أثارها ابن المطهر في أبواب مختلفة، ولعلّ من أهم هذه المسائل وأجمعها:
أولاً: منزلة الصحابة (رضي الله عنهم أجمعين)، ومواقفهم بعد وفاة النبي، والرد على المطاعن والأكاذيب التي ذكرها ابن المطهر.
ثانياً: الإمامة والعصمة.
ثالثاً: منهج أهل السنة في الصفات والقدر، ومقارنته بمنهج الرافضة وأشياخهم المعتزلة، والرد على أكاذيبهم ومخازيهم.
وسوف أقتصر في هذه المقالة على مقارنة مختصرة بين منهجي أهل السنة والرافضة في عصمة الأئمة من خلال هذا السفر الجليل.
عصمة الأئمة عند الشيعة:
لعل موضوع الإمامة هو الموضوع الرئيس الذي يدور حوله كتاب ابن المطهر: (منهاج الكرامة في إثبات الإمامة)، ولذا: فإنه أبرز الموضوعات التي تكلم عنها ـ فيما بعد ـ شيخ الإسلام ابن تيمية في: (منهاج السنة النبوية)، وسوف أشير في هذا المبحث إلى منهج الرافضة في التلقي عن أئمتهم، ثم أختمه ببيان منهج أهل السنة في العصمة.
* أقسام الأئمة الاثني عشر:
ذكر ابن تيمية أن: (أصول الدين عند الإمامية أربعة: التوحيد، والعدل، والنبوة، والإمامة، فالإمامة هي آخرالمراتب، والتوحيد والعدل والنبوة قبل ذلك) (3).
ويقسم ابن تيمية الأئمة الاثني عشر أربعة أقسام:
القسم الأول: علي بن أبي طالب، والحسن، والحسين (رضي الله عنهم) وهم صحابة أجلاء، لا يُشَكّ في فضلهم وإمامتهم، ولكن شَرِكَهُم في فضل الصحبة خلق كثير، وفي الصحابة من هو أفضل منهم (4) بأدلة صحيحة عن النبي.
القسم الثاني: علي بن الحسين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر (5)، وهؤلاء من العلماء الثقات المعتد بهم، وقد أشار ابن تيمية في مواضع عديدة إلى تقديرهم ومحبتهم، وجواز تقليدهم لمن عجز عن الاستدلال، حالهم في ذلك كحال بقية علماء الأمة (6).
القسم الثالث: علي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي بن موسى الجواد، وعلي بن محمد بن علي العسكري، والحسن بن علي بن محمد العسكري.
وقد أثنى ابن تيمية على الأئمة الثلاثة: علي بن الحسين، وابنه أبي جعفر، وجعفر بن محمد، ثم قال: (وأما من بعد الثلاثة كالعسكريين، فهؤلاء لم يظهر عليهم علمٌ تستفيده الأمة، ولا كان لهم يدٌ تستعين بها الأمة، بل كانوا كأمثالهم من الهاشميين، لهم حرمة ومكانة، وفيهم من معرفة ما يحتاجون إليه في الإسلام والدين ما في أمثالهم، وهو ما يعرفه كثير من عوام المسلمين، وأما ما يختص به أهل العلم، فهذا لم يُعرف عنهم، ولهذا: لم يأخذ عنهم أهل العلم كما أخذوا عن أولئك الثلاثة، ولو وجدوا ما يُستفاد لأخذوا، ولكن طالب العلم يعرف مقصوده) (7).
القسم الرابع: محمد بن الحسن العسكري المنتظر.
¥