استحب بعض أهل العلم الوضوء من نتف الإبط، وهذا ليس عليه دليل من الكتاب ولا من السنة الصحيحة، والاستحباب حكم شرعي، والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة، فالراجح أن نتف الإبط لا يجب له الوضوء ولا يستحب له، وقد تقرر في الضوابط أن مشروعات الوضوء إيجابا واستحبابا توقيفية على الدليل، ولأن الأصل براءة الذمة، والله أعلم.
قال بن قدامة: حكي عن مجاهد و الحكم و حماد في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط الوضوء وقول جمهور العلماء بخلافهم ولا نعلم لهم فيما يقولون حجة،والله سبحانه أعلم.المغني [1/ 227]
حكم نتف إبط الميت
القول الأول:
الترك وهو مذهب الحنفية،والمالكية،والشافعية:
مذهب الحنفية: المنع.
قالوا: السنة أن يدفن الميت بجميع أجزائه ولهذا لا تقص أظفاره وشاربه ولحيته ولا يختن ولا ينتف إبطه ولا تحلق عانته ولأن ذلك يفعل لحق الزينة والميت ليس بمحل الزينة ولهذا لا يزال عنه شيء مما ذكرنا وإن كان فيه حصول زينة وهذا عندنا.بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع [1/ 301]
وأما مذهب المالكية: كراهة الأخذ
قالوا: ويكره حلق أي إزالة شعره أي الميت الذي يجوز حلقه حال حياته كشعر رأسه وإبطه. منح الجليل شرح على مختصر سيد خليل. [1/ 507]
وكذلك مذهب الشافعية:والصواب المختار عندهم كراهة الأخذ
قالوا: المذهب أو الصواب ترك هذه الشعور والأظفار، لأن أجزاء الميت محترمة فلا تنتهك بهذا ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم في هذا شيء فكره فعله، وممن كرهه مالك وأبو حنيفة والثوري والمزني وابن المنذر والجمهور ونقله العبدري عن جمهور العلماء قال أصحابنا. المجموع [5/ 138]
وهذا القول هو اختيار بن باز. مجموع فتاوى ومقالات ابن باز [12/ 430]
القول الثاني:الجواز،وهو مذهب الحنابلة والظاهرية، وقد حرم الظاهرية الترك.
الحنابلة:جواز الأخذ
قالوا: يأخذ شعر إبطيه على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في الفائق وغيره قدمه في الفروع وغيره، وقيل لا يأخذه وقيل إن فحش أخذه وإلا فلا. الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف [2/ 494]،شرح منتهى الإرادات [1/ 350] المغني [2/ 406]
واختار العثيمين القول الأخير من أقوال الحنابلة فقال: إن كثر فإنه يؤخذ، وإلا يبقى على ما هو عليه. الشرح الممتع [5/ 282]
الظاهرية: الجواز،تحريم الترك
وإن كانت أظفار الميت وافرة أو شار به وافيا أو عانته أخذ كل ذلك، لان النص قد ورد وصح بأن كل ذلك من الفطرة، فلا يجوز أن يجهز إلى ربه تعالى الا على الفطرة التى مات عليها. المحلى 620 [5/ 177]
و القول الثالث:يستحب الأخذ
وممن استحبه سعيد بن المسيب وابن جبير والحسن البصري وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية. المجموع [5/ 138]
قلت: وهذا الأخير أضعف الأقوال، وأقواها الإباحة ولا دليل على المنع.
نتف الإبط من محظرات الإحرام
فعند الحنفية: لو نتف أحد الابطين فعليه دم،ولو نتف الابطين جميعا تكفيه كفارة واحدة لأن جنس الجناية واحد والحاظر واحد، ولو نتف من أحد الإبطين أكثره فعليه صدقة لأن الأكثر فيما له نظير في البدن لا يقام مقام كله.بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع [2/ 193]
وعند المالكية: ولا ينتف المحرم إبطه، فإن أزال شيئا من شعره اطعم حفنة إذا كان المزال شيئا قليلا كعشر شعرات،فإذا كانت الازالة لإماطة الاذى فتجب الفدية لانها تجب في فعل كل ما يترفه به او يزيل أذى. الفواكه الدواني على رسالة القيرواني [1/ 368]
وعند الشافعية:تحرم إزالة الشعر قبل وقت التحلل، وتجب به الفدية سواء شعر الرأس واللحية والشارب والإبط والعانة وسائر البدن.المجموع [7/ 223]
الحنابلة: إن شعر الرأس وغيره سواء في وجوب الفدية لأن شعر غير الرأس يحصل بحلقه والترفه والتنظيف فأشبه الرأس فإن حلق من شعر رأسه وبدنه ففي الجميع فدية واحدة وإن كثير وإن حلق من رأسه شعرتين ومن بدنه شعرتين فعله دم واحد هذا ظاهر كلام الخرقي واختيار أبي الخطاب ومذهب أكثر الفقهاء.المغني [3/ 525]
وأما الظاهرية: رأوا أن المحظور هو حلق شعر الرأس فقط، وأما حلق شعر بقية البدن فليس بمحظور، ولا يصح قياسه على حلق شعر الرأس. المحلى (7/ 246)
¥