فالأصل بالمصلي إذا كان متوضأً: أن وضوءه لا ينتقض بالشك، بل يجب عليه أن يتيقن الحدث أولاً، فإن تيقن أنه محدث انصرف من
صلاته وتوضأ.
والحدث لا يكون إلا مما يخرج من السبيلين خروجا يقينيّاً لا شك فيه ولا لبس، أما مجرد الشعور بالانتفاخ فهذا لا يعد من نواقض
الوضوء حتى يخرج شيء.
وهذه الغازات التي شكوتِ منها حكمها حكم المستحاضة ومن به سلس البول. (الشرح الممتع 1/ 437)
ولها حالان:
الأولى:أن يكون لها وقت تنقطع فيه، كما لو كانت تخرج ثم تسكت مدة تتمكنين فيها من الوضوء والصلاة في وقتها ثم تعاود الخروج، فهنا
عليك أن تتوضئي وتصلي في الوقت الذي تنقطع فيه.
الثانية:أن تكون مستمرة وليس لها وقت تنقطع فيه بل يمكن أن تخرج كل وقت، فإنك تتوضئين لكل صلاة بعد دخول وقتها وتصلي بهذا الوضوء ولا يضرك ما خرج ولو كان ذلك أثناء الوضوء أو الصلاة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:فمن لم يمكنه حفظ الطهارة مقدار الصلاة فإنه يتوضأ ويصلي ولا يضره ما خرج منه في الصلاة، ولا ينتقض وضوءه بذلك باتفاق الأئمةوأكثر ما عليه أن يتوضأ لكل صلاة.مجموع الفتاوى 21/ 221
وقد سئلت اللجنة الدائمة عن رجل مصاب بسلس في البول يظهر بعد التبول لفترة لو انتظر انتهاء السلس لانتهت الجماعة ماذا يكون
الحكم؟
فأجابت اللجنة:إذا عرف أن السلس ينتهي فلا يجوز له أن يصلي وهو معه طلباً لفضل الجماعة، وإنما عليه أن ينتظر حتى ينتهي ويستنجي بعده ويتوضأ
ويصلي صلاته ولو فاتته الجماعة، وعليه أن يبادر بالاستنجاء والوضوء بعد دخول الوقت، رجاء أن يتمكن من صلاة الجماعة.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة أيضاً:الأصل أن خروج الريح ينقض الوضوء، لكن إذا كان يخرج من شخص باستمرار وجب عليه أن يتوضأ لكل صلاة عند إرادة الصلاة، ثم إذا خرج منه وهو في الصلاة لا يبطلها وعليه أن يستمر في صلاته حتى يتمها، تيسراً من الله تعالى لعباده ورفعاً للحرج عنهم، كما قال تعالى: (يريد الله بكم اليسر) وقال: (ما جعل عليكم في الدين من حرج).اللجنة الدائمة للبحوث 5/ 411
وأما الذهاب للمسجد مع وجود هذه الريح:
فلا يجوز فإن المساجد يجب صيانتها من كل رائحة كريهة لأن ذلك يؤذي المصلين، ويؤذي الملائكة الكرام.
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم من أكل ثوماً أو بصلاً أن يقرب المسجد، فروى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: من أكل ثوماً أو بصلاً فليعزلنا أو قال: فليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته.
وروى مسلم (564) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما
يتأذى منه بنو آدم)
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بإخراج من وجدت منه رائحة البصل أو الثوم من المسجد.
روى مسلم (567) عن عمر بن الخطاب قال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما من الرجل في المسجد أمر به
فأخرج إلى البقيع. وقد سبق الكلام عليه
هل عين الريح نجس أم لا؟
اخْتُلِفَ فِي أَنَّ عَيْنَ الرِّيحِ نَجَسٌ أَوْ مُتَنَجِّسٌ بِمُرُورِهَا عَلَى النَّجَاسَةِ وَثَمَرَتُهُ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ خَرَجَ مِنْهُ الرِّيحُ وَعَلَيْهِ سَرَاوِيلُ مُبْتَلَّةٌ، فَمَنْ قَالَ بِنَجَاسَةِ عَيْنِهَا قَالَ بِتَنَجُّسِ السَّرَاوِيلِ، وَمَنْ قَالَ بِطَهَارَةِ عَيْنِهَا لَمْ يَقُلْ بِهِ، كَمَا لَوْ مَرَّتْ الرِّيحُ بِنَجَاسَةٍ ثُمَّ مَرَّتْ بِثَوْبِ مُبْتَلٍّ فَإِنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ بِهَا.
والصَّحِيحَ أَنَّ عَيْنَهَا طَاهِرَةٌ حَتَّى لَوْ لَبِسَ سَرَاوِيلَ مُبْتَلَّةً أَوْ ابْتَلَّ مِنْ أَلْيَتَيْهِ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَمُرُّ بِهِ الرِّيحُ فَخَرَجَ الرِّيحُ لَا يَتَنَجَّسُ، وَهُوَ قَوْلُ عامة الفقهاء الحنفية،والمالكية، والحنابلة،ومن نُقِلَ عَنْه التنجيس فورع كَذَا قَالُوا.
العناية شرح الهداية (1/ 65)، المحيط البرهاني للإمام برهان الدين ابن مازة (1/ 24)،البحر الرائق شرح كنز الدقائق (1/ 110)، حاشية رد المحتار (1/ 146)،مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل (2/ 381)، الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (2/ 25)
¥