تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولعلي أفصّل في هذه الفئات وسيتبين للأخوة القراء من خلال النقول وكلام العلماء أُس المشكلة وحلها بإذن الله تعالى.

وسأبدأ بتعريف العضل:

قال ابن قدامة – رحمه الله -: " العضل منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك ورغب كل واحد منهما في صاحبه ".

المغني 7/ 368.

ويتبيّن من تعريف ابن قدامة – رحمه الله - حدود العضل في الشريعة وهو أن يمنع الولي موليّته من الكفء إن رضيته زوجا لها , وأما إن كان غير كفء أو لم ترضه فلا يسمى عضلا ولا يعتبر الولي عاضلا.

(1)

فئة الآباء

الولاية حق شرعي ثابت لا يتبرّم منه إلا منخرم الديانة , رقيق الدين والأمانة!!!

ويقسمها السادة الفقهاء إلى قسمين:

• ولاية عامة , كالسلطان أو القاضي أو من ينوب عنهما.

• وولاية خاصة , كالأب أو الفرد على ماله ونفسه.

لكن الإشكالية فيمن يستخدم هذه الولاية لمصالحه الشخصية , ويحسب أن هذه الولاية ولاية تشريف , ويجهل أنها ولاية تكليف وحسابها عند الله عسير!!!

فالأب هو ولي البنت ليعمل لها ما يصلحها ويقيس لها المصالح والمفاسد ثم يُبرّأ ذمته في أمرها , لا أن يتشهّى ويتلاعب بأمرها على أهوائه ونوازعه السيئة.

وهذه النوعية من الآباء , تجد أن فيهم فهما ناقصا لمعنى الرجولة , فيحسب أنّ لا رأي لأحد معه , فإن رضي فرضاه المطلوب , وإن سخط فلا ينْفذُ لمن خالفه رأي , ويحسب أن رأيه إذا لم ينفذ فهذا عيب في رجولته وتنقّص لمنزلته!!!

وجهل هذا المسكين قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: " إني لا أحلف على يمين أرى غيرها خير منها إلا أتيت الذي هو خير ".

أخرجه البخاري 4/ 1593 , ومسلم 3/ 1263.

فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد اليمين على أمر ثم يرى غيره خير منه فيكفّر عن يمينه ثم يأتي الذي هو خير , فسبحان من نكس مفاهيم بعض البشر!!!

هذا في أمر نفسه صلى الله عليه وسلم يحلف ثم يرى غيره خير , فيرجع للذي هو خير , فكيف بأمر من هو تحت ولايته صلوات ربي وسلامه عليه!!!

فإذا اجتمع أن يكون الولي ولياً شرعيا ووقع في عضل موليّته فما الحكم في ذلك؟

يعتبر العاضل فاسقا مرتكبا لمحرم يجب عليه التوبة وتحلل المعضولة.

قال شيخ الإسلام – رحمه الله -: " فليس للولي أن يجبرها على نكاح من لا ترضاه؛ ولا يعضلها عن نكاح من ترضاه إذا كان كفؤا باتفاق الأئمة؛ وإنما يجبرها ويعضلها أهل الجاهلية والظلمة ... "

مجموع الفتاوى 32/ 52.

وأختلف أهل العلم في عدد المرات التي يمتنع فيها الولي عن إنكاح موليته للكفء فيصبح بذلك فاسقا.

قيل لو أمتنع مرة واحدة أصبح بذلك فاسقا!!!

قال الزركشي – رحمه الله -: " فظاهر كلام أبي محمد أنه يفسق بمجرد ذلك (أي بالعضل) ".

شرح مختصر الخرقي 2/ 333.

وقال ابن قدامة – رحمه الله -: " ولأنه يفسق بالعضل فتنتقل الولاية عنه كما لو شرب الخمر ".

المغني 7/ 367.

وهو ظاهر قول الأصحاب – رحمهم الله -.

والقول الآخر يصبح فاسقا إذا تكرر ذلك منه.

قال النووي – رحمه الله -: " وإنما يفسق به إذا عضل مرات , أقلها ثلاث ".

روضة الطالبين 5/ 411.

وقال ابن عقيل – رحمه الله -: " لا يفسق إلا أن يتكرر الخُطّاب وهو يمنع، أو يعضل جماعة من موليّاته دفعة واحدة , فإذاً تصير الصغيرة في حكم الكبيرة "

شرح الزركشي على الخرقي 2/ 333.

وهو قول الشافعية – رحمهم الله – حيث قالوا: " إذا تكرر العضل من الولي الأقرب , فإن كان ثلاث مرات انتقلت الولاية للولي الأبعد , بناء على منع ولاية الفاسق ; لأنه يفسق بتكرر العضل منه ".

الموسوعة الفقهية 30/ 145.

وقال ابن عثيمين – رحمه الله -: " وقد ذكر الفقهاء - رحمهم الله - أن الولي إذا تكرر رده للخاطب الكفء فإنه بذلك يكون فاسقا وتسقط عدالته وولايته، بل إنه على المشهور من مذهب الإمام أحمد تسقط حتى إمامته فلا يصح أن يكون إماما في صلاة الجماعة في المسلمين ... ".

فتاوى نور على الدرب.

وبناء على ذلك فتسقط ولاية العاضل وهذا لا خلاف فيه بين السادة العلماء بل نُقل الإجماع في ذلك:

قال ابن المنذر – رحمه الله -: " وأجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن السلطان يزوج المرأة إذا أرادت النكاح , ودعت إلى كفء وامتنع الولي أن يزوجها ".

الإجماع 1/ 78.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير