وقال ابن إبراهيم - رحمه الله -: " متى بلغت المرأة سن البلوغ وتقدم لها من ترضاه دينا وخلقا وكفاءة، ولم يقدح فيه الولي بما يُبعده عن أمثالها ويُثْبت ما يدعيه، كان على ولي المرأة إجابة طلبه من تزويجه إياها، فإن امتنع عن ذلك نُبّه إلى وجوب مراعاة جانب موليته، فإن أصر على الامتناع بعد ذلك سقطت ولايته وانتقلت إلى من يليه في القربى من العصبة ".
فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - (10/ 97).
وأفتت اللجنة الدائمة: " بأن عضل الولي للمرأة مسقط لولايته عليها , وتنتقل الولاية لمن بعده " 1/ 168.
فعُلم مما سِيقَ من كلام السادة العلماء أن العاضل لموليّاته ولو كانت واحدة , أنه فاسق ساقط الولاية , واختلفوا لمن تنتقل الولاية هل هي للأقرب أم للسلطان أم لغير ذلك , وبسطه ليس هذا محله.
وبعض الناس يحسب أن صورة العضل واحدة وهي أن يرد الولي الخُطّاب!!!
وهذا خطأ فللعضل صور كثيرة منها:
• أن تطلب المولية النكاح من رجل كفء بعينه , فيمنعها ذلك دون سبب أو لسبب واهي فيصبح بهذا عاضلا لها.
جاء في الموسوعة الفقهية قولهم: " لو طلبت المرأة من الولي أن يزوجها من كفء يُفترض عليه تزويجها منه فامتنع يصير عاضلا، وينوب القاضي منابه في التزويج، وهذا لا خلاف فيه بين الفقهاء "
الموسوعة 34/ 265.
• والصورة الأخرى أن يكون الولي شديدا على الخُطّاب , كثير الشروط مما يجعلهم ينفرون منه , فيصير بهذا عاضلا لها.
قال الماوردي – رحمه الله -: " وقد ذكر أبو العباس (ابن تيمية) من صور العضل إذا امتنع الخُطّاب من خطبتها لشدة الولي ".
الإنصاف 8/ 75.
وفسر ذلك ابن جبرين - رحمه الله – بقوله: " أي تشدده في قبول من تقدم إليه , أو كثرة الشروط التي لا أهمية لها , أو رده لمن هو أهل , أو طلبه زيادة في المهر ".
فإذا وقع هذا من الولي عُد عاضلا يَفْسُقُ بذلك , وجاز إسقاط ولايته.
(2)
فئة القرابة
ومن أسباب العضل: المجتمع المحيط بالعاضل وبالأخص القرابة , فتجدهم لا ينكرون عليه صنيعه بل ربما تعذروا له بأنه أعرف بحال موليّاته وهو ألطف بهم من غيرهم وغير ذلك من الأعذار الواهية المخزية.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ".
أخرجه مسلم 1/ 50.
وهذا منكر قبيح يجب تغييره باللسان خاصة من القرابة لأنهم أعلم بحال قريبهم , وأهل العلم يقررون أن من علم منكرا تأكد عليه الإنكار بالمراتب الواردة في الحديث , وهذا المنكر لا مجال فيه للإنكار بالقلب لمن يملك التغيير سواء باليد أو اللسان.
بل وصل الحال ببعض المخذلين من قرابة العاضل أن لا يطري هذا الأمر أمامه , وربما حاول إسكات من يتكلم في هذه الأمور مراعاة لنفسية هذا الفاسق (العاضل) , أو تخذيل من يريد نصحه من أهل الخير والصلاح بحجج خرقاء لا زمام لها ولا خطام!!!
وهذا سببه تضييع شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي بالحق والصبر عليه , حتى صار بعض الناس يرتكب الإثم المتعدي (كالعضل) , ثم لا ينكر عليه , بل ربما قُدّم في المجالس , وكيل له الثناء بأنه رجل لا يأخذ برأي أحد ورأيه هو النافذ!!!
نسأل الله العافية والسلامة.
وهؤلاء القرابة إذا علموا أن قريبهم ممن تأثم بالعضل فلا أقل من الإنكار عليه وإظهار عدم الرضى بفعله , أو إخبار أهل العلم والديانة كي ينظروا في أمره , لأن الغالب على نسائنا الحياء خاصة مع والديها وأمورها الخاصة فلا تستطيع أن تخبر أحد بذلك فهنا يتوجب على القرابة التحرك في هذا الأمر وقطع دابر هذه المعضلة ولو بإسقاط ولايته كما سيأتي.
(3)
فئة الفتيات
ومن الأسباب أيضا الفتيات اللاتي عُضلن , ودخلهن في الموضوع أنهن تنازلن عن حقهن لولي لا يستحق هذه الولاية (أقصد ولاية التزويج) , بل غالبهن لا يعلم الحكم فيه , ومع تألمهن لا تجد لهن كلمة واحدة في الأمور التي تختص بهن , فتجد إحدى هؤلاء الفتيات , تشتكي لزميلتها أو قريبتها فإذا حاولت أن تتدخل عارضتها وقالت: لا أحتاج إلى مزيد مشاكل!!!
الآن هي في مشكلة العضل الكبرى , وتخشى من مشكلة الكلام فيه!!!
¥