تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يصلح للناس ويضع شرائعة لتحقيق مصالح الناس الحقيقية. وليس أحسن من حكمه وشريعته حكم أو شريعة. وليس لأحد من عباده أن يقول: إنني أرفض شريعة الله، أو إنني أبصر بمصلحة الخلق من الله. . فإن قالها - بلسانه أو بفعله - فقد خرج من نطاق الإيمان. . هذه هي القضية الخطيرة الكبيرة التي يعالجها هذا الدرس في نصوص تقريرية صريحة. . ذلك إلى جانب ما يصوره من حال اليهود في المدينة، ومناوراتهم ومؤامراتهم مع المنافقين: (من الذين قالوا: آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم). وما يوجه به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمواجهة هذا الكيد الذي لم تكف عنه يهود، منذ أن قامت للإسلام دولة في المدينة. . والسياق القرآني في هذا الدرس يقرر أولا: توافي الديانات التي جاءت من عندالله كلها على تحتيم الحكم بما أنزله الله وإقامة الحياة كلها على شريعة الله وجعل هذا الأمر مفرق الطريق بين الإيمان والكفر وبين الإسلام والجاهلية وبين الشرع والهوى. . فالتوراة أنزلها الله فيها هدى ونور: (يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء). . (وعندهم التوارة فيها حكم الله). . (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس. . الخ). . والإنجيل آتاه الله عيسى بن مريم (مصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين. وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه). . والقرآن أنزله الله على رسوله (بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه) وقال له: (فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق). . (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون). . (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون). . (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون). . (أفحكم الجاهلية يبغون؟ ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون؟). . وكذلك تتوافى الديانات كلها على هذا الأمر، ويتعين حد الإيمان وشرط الإسلام، سواء للمحكومين أو للحكام. . والمناط هو الحكم بما أنزل الله من الحكام، وقبول هذا الحكم من المحكومين، وعدم ابتغاء غيره من الشرائع والأحكام. . والمسألة في هذا الوضع خطيرة والتشدد فيها على هذا النحو يستند إلى إسباب لا بد خطيرة كذلك. فما هي يا ترى هذه الأسباب؟ إننا نحاول أن نتلمسها سواء في هذه النصوص أو في السياق القرآني كله، فنجدها واضحة بارزة. . إن الاعتبار الأول في هذه القضية هو أنها قضية الإقرار بألوهية الله وربوبيته وقوامته على البشر - بلا شريك - أو رفض هذا الإقرار. . ومن هنا هي قضية كفر أو إيمان، وجاهلية أو إسلام. . . . . والقرآن كله معرض بيان هذه الحقيقة. . إن الله هو الخالق. . خلق هذا الكون، وخلق هذا الإنسان. وسخر ما في السماوات والأرض لهذا الإنسان. . وهو - سبحانه - متفرد بالخلق، لا شريك له في كثير منه أو قليل. وإن الله هو المالك. . بما أنه هو الخالق. . ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما. . فهو - سبحانه - متفرد بالملك. لا شريك له في كثير منه أو قليل. وإن الله هو الرازق. . فلا يملك أحد أن يرزق نفسه أو غيره شيئا. لا من الكثير ولا من القليل. . وإن الله هو صاحب السلطان المتصرف في الكون والناس. . بما أنه هو الخالق المالك الرازق. . وبما أنه هو صاحب القدرة التي لا يكون بدونها خلق ولا رزق ولا نفع ولا ضر. وهو - سبحانه - المتفرد بالسلطان في هذا الوجود. والإيمان هو الإقرار لله - سبحانه - بهذه الخصائص. الألوهية، والملك، والسلطان. . . متفردا بها لا يشاركه فيها أحد. والإسلام هو الاستسلام والطاعة لمقتضيات هذه الخصائص. . هو إفراد الله - سبحانه - بالألوهية والربوبية والقوامة على الوجود كله - وحياة الناس ضمنا - والاعتراف بسلطانه الممثل في قدره والممثل كذلك في شريعته. فمعنى الاستسلام لشريعة الله هو - قبل كل شيء - الاعتراف بألوهيته وربوبيته وقوامته وسلطانه. ومعنى عدم الاستسلام لهذه الشريعة، واتخاذ شريعة غيرها في أية جزئية من جزئيات الحياة، هو - قبل كل شيء - رفض الاعتراف بألوهية الله وربوبيته وقوامته وسلطانه. . ويستوي أن يكون الاستسلام أو الرفض باللسان أو بالفعل دون القول. . وهي من ثم قضية

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير