فاسترجع عندما بات الركاز كنزٌ ظاهرٌ عرضةٌ للنّهب و للنّهش من قطّاع الطرق أولاً و من السّباع و الدّاوب ثانياً فكان استرجاعه حتى يهديه الله للعمل الحسن عملاً بما أمر الله كما في سورة البقرة عند حلول المصائب ...
فقال تعالى (و لنبلونّكم بشيئ من الخوف و الجوع و نقص من الأموال و الأنفس و الثّمرات و بشر الصابرين) (الذين اذا أصابتهم مصيبة قالوا انّا لله و انّا اليه راجعون) (أولئك عليهم صوات من ربهم و رحمة و أولئك هم المهتدون)
فكان بلاء الله تعالى لصفوان من الصنف الأول أي الخوف و لذا قال انّا لله و انّا اليه راجعون فكان من حقّ الله تعالى لقائل ذه المقولة العظيمة أن يهديه للقول الصواب و للعمل الحسن ...
فحفظ نفسه رضي الله عنه و حفظ عائشة رضي الله عنها و حفظ متاع النبيّ صلى الله عليه و سلم بذه المقولة, لله درك يا صفوان كم انت حليم ...
و الانسان مهما بلغت منزلته و مهما بلغ علوّ مقامه يبقى انساناً يعتريه الذنب و تمرّ به الصغيرة بله الكبيرة و الحكيم من أدرك هذا بتوبة أو ببرهان الله له ....
و يذكرني ذا بيوسف عليه السلام ففي كلا الحالتين خلوة ... و خلوة الصحراء لا تُوزن بخلوة و (غلّقت الأبواب)!!!
وسكوت عائشة رضي الله عنها لا يُوزن (و قالت هيت لك)!!!
و سواد عائشة رضي الله عنها لا يُوزن ببياض امرأة العزيز!!!
فكان حريّ بيوسف عليه السلام أن يهمّ بها لولا ... و الأنبياء بشرٌ يخطئون و ينسون و يأكلون و يشربون و يمشون بالأسواق ...
معصمون عن الكبائر مدركون الصغائر آوّابون تائبون و هذا بابٌ اختلف العلماء فيه كثيرا ...
و الاّ فرمي موسى عليه السلام للألواح (و ألقى الألواح .... ) و ظنّ يونس بربّه (فظنّ أن لا نقدر عليه ... ) و أكل آدم من الشّجرة (فلمّا ذاقا الشجرة ... ) و غيرها من الأمثلة ... و همّ يوسف عليه السلام (و همّ بها ... ) فهو دليلٌ نستند عليه في حجّتنا ذه ...
و همّ يوسف عليه السلام دون رمي موسى للألواح و ظنّ يونس عليهما السلام ...
و من الغربة أن ترى بعضاً ممّنْ فسروا كتاب ربنا اختلفوا اختلافا واسعا حول همّ يوسف عليه السلام حتى نفوا أن يكون هناك همّاً!!!!
و صريح المنقول يوافق صحيح المفهوم و المنطوق و عندها فلا داعي لنفي الهمّ بيد نعلم انّ الهمّ ليس ذنباً و بهذا جاءت خاتمة الشرائع فقد صحّ عن النبيّ صلى الله عليه و سلم أنّه قال (اذا همّ العبد بسيئة فلا تكتب عليه حتى يعملها ... ) الحديث
اذاً الهمّ ليس ذنباً الاّ بعد اقتراف العبد ما همّ به ....
فلنثبت ما أثبته الله تعالى في كتابه عن همّ يوسف عليه السلام كما أثبتنا رمي موسى للألواح و ظنّ يونس بربّه عليهما السلام.
و لا يظنّ ظانّ أنّه أفضل من موسى بله يونس و يوسف!!!
و ظنّ أحدنا بهذا لا يُعادل ظنّ يونس و لا رمي موسى إذ يونس ظنّه ليس ظنّا يقينيّا و انما ظنٌ مرجوح بعد غضبٍ لله تعالى و رمي موسى للا لواح بعد غضبه لله تعالى ...
و منْ كان في مقام موسى أو يونس لتعدّى رميه و ظنّه فهما معذوران أعذرهما الله تعالى.
ثمّ همّ يوسف عليه السلام همٌ لم يتجاوز مكان القلب فرأى برهان ربّه فصرف الله عنه السّوء و الفحشاء لإخلاصه فقال تعالى (و لقد همّت به و همّ بها لولا أن رءا برهان ربّه كذلك لنصرف عنه السوء و الفحشاء انّه من عبادنا المخلصين) و هذه عامّة ليست بخاصة ليوسف عليه السلام فمن أخلص لله تعالى فسيصرف عنه مولاه السوء و الفحشاء ....
و الاخلاص هو منزلة عظيمة لا تُدرك بعملٍ خالصٍ و انما باعمالٍ خالصةٍ, فخذ هذه فائدة و عضّ عليها بالنواجذ ...
ثمّ يوسف عليه السلام و مع كثرة العوامل الدّاعية لاقترافه للذنب لم يتعدّ الهمّ بفضل الله تعالى له, فالغربة عاملٌ و الخلوة عامل آخر و عَرض السّلعة عامل أيضا و تزينها عامل ....
و يوسف عليه السلام أوتي شطر الحسن و لذا قطّعن أيديهنّ نسوة المدينة و الشطر هنا لا يعني ان الحُسنَ شطره ليوسف و شطره الآخر لبقية النّاس و انّما الحُسن نِسَبٌ و منازل و درجات ...
فلنفترض ان للحُسن مئة درجة فأوتي يوسف عليه السلام الشّطر أي خمسون درجة بينما غيره أوتي ثلث الحُسن أي ثلاثون و نيّفاً و الثلث هنا من أصل الحُسن كلّه ليس من أصل الشطر الحُسن كما يفهمه بعض النّاس ...
فيوسف عليه السلام أوتي أعلى درجات الحُسن عند النّاس و لن يُؤتى الحُسن كله الا أهل الجنّة فيرون ربّهم و هم في أعلى مراتب الحُسن فيرون الحسنَ كلّه
الله ... الله ... في اهل الجنّة!!!
فاغضض طرفك و اغضضي طرفك عن حُسنٍ هو دون الحُسنُ بكثير ...
و من غضّ طرفه عما حرّمه الله فسيشبع ذا الطّرف من رؤية منْ لا تُدركه الابصار, هنيئا لأهل الجنة اغبطهم و أنا اتعثّر في دنياي لا أدري بما يُسبق به الكتاب و لا أدري خِتام الله تعالى لي؟؟؟
فنظنّ بالله خيراً و هو سبحانه و تعالى عند حُسنِ ظنّ العبد به ....
عود على بدء:
فاستيقظت عائشة رضي الله عنها باسترجاع صفوان رضي الله عنه ...
يتبع ان شاء الله تعالى ...
¥