[أهمية التفكر في خلق السماوات و ...]
ـ[محمود المقدسي]ــــــــ[25 - 10 - 10, 08:33 ص]ـ
قال الله تعالى:
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
روى أبو الشيخ ابن حبان في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " (200 - 201)
و ابن حبان في " صحيحه " (523 - الموارد) عن يحيى بن زكريا بن إبراهيم بن سويد النخعي أنبأنا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء قال: دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة رضي الله عنها فقال عبد الله بن عمير: حدثينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكت وقالت:
قام ليلة من الليالي فقال: يا عائشة! ذريني أتعبد لربي، قالت: قلت: والله إني لأحب قربك وأحب ما يسرك، قالت: فقام فتطهر ثم قام يصلي فلم يزل يبكي حتى بل حجره، ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل الأرض، وجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي قال: يا رسول الله تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟!
قال: أفلا أكون عبدا شكورا؟ لقد نزلت علي الليلة آيات، ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها: {إن في خلق السماوات والأرض}.
صححه الألباني - السلسلة الصحيحة: 1/ 106
بعد أن بين - سبحانه - أن ملك السموات والأرض بقبضته، أشار - سبحانه - إلى ما فيهما من عبر وعظات
فقال: {إِنَّ فِي خَلْقِ السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيَاتٍ لأُوْلِي الألباب}.
ومعنى الآية أنه يقول تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} أي: هذه في ارتفاعها واتساعها، وهذه في انخفاضها وكثافتها واتضاعها وما فيهما من الآيات المشاهدة العظيمة من كواكب سيارات، وثوابتَ وبحار، وجبال وقفار وأشجار ونبات وزروع وثمار، وحيوان ومعادن ومنافع، مختلفة الألوان والطعوم والروائح والخواص {وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ} أي: تعاقبهما وتَقَارضهما الطول والقصر، فتارة يطُول هذا ويقصر هذا، ثم يعتدلان، ثم يأخذ هذا من هذا فيطول الذي كان قصيرا، ويقصر الذي كان طويلا وكل ذلك تقدير العزيز الحكيم.
يوجد في الكون ما بين 100 و 1000 مليار مجرّة، وكل واحدة منها تحوي ما بين 200 و 500 مليار من النجوم، يتراوح حجم النجم الواحد ما بين العُشر والعشرة أضعاف من حجم الشمس. فإذا قمنا بعملية حسابية بسيطة وقسّمنا مثلا عدد كل المجرّات على كل البشر في هذه المعمورة فإن كل إنسان على وجه الأرض سيتحصل تقريباً على مئة مجرّة.
ابعد جرم يكون- نظريًا- مرئي على بعد 10 إلى 15 مليار سنة شمسية (سنة شمسية واحدة تقدر ب 9.5 مليار كلم.
نسبة كوكبنا الأرضي إلى نسبة كل الكون كنسبة نقطة من حرف أبجدي في مكتبة تحوي مليون مجلّد كلّ مجلّد يحوي ألف صفحة!!
يقو ل الفلكيون أن من هذه النجوم والكواكب التي تزيد على عدة بلايين نجم، ما يمكن رؤيته بالعين المجردة وما لا يرى إلا بالمجاهر والأجهزة، وما يمكن أن تحس به الأجهزة دون أن تراه، هذه كلها تسبح في الفلك
الغامض. ولا يوجد أي احتمال أن يقترب مجال مغناطيسي لنجم من مجال نجم آخر، أو يصطدم كوكب بآخر إلا كما يحتمل تصادم مركب في البحر الأبيض المتوسط بآخر في المحيط الهادي يسيران في اتجاه واحد، وهو احتمال بعيد وبعيد جداً، إن لم يكن مستحيلاً.
ولهذا قال: {لأولِي الألْبَابِ} أي: العقول التامة الذكية التي تدرك الأشياء بحقائقها على جلياتها، أصحاب العقول السليمة، والأفكار المستقيمة وليسوا كالصم البُكْم الذين لا يعقلون الذين قال الله فيهم: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ. وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}
ثم وصف تعالى أولي الألباب فقال: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ}
¥