تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وزاد ابن القيم في " الهدي " أن الصحابة لم يكونوا يستمتعون باليهوديات , يعني فيقوى أن النهي لم يقع يوم خيبر أو لم يقع هناك نكاح متعة , لكن يمكن أن يجاب بأن يهود خيبر كانوا يصاهرون الأوس والخزرج قبل الإسلام فيجوز أن يكون هناك من نسائهم من وقع التمتع بهن فلا ينهض الاستدلال بما قال.

قال الماوردي في " الحاوي ": في تعيين موضع تحريم المتعة وجهان أحدهما أن التحريم تكرر ليكون أظهر وأنشر حتى يعلمه من لم يكن علمه لأنه قد يحضر في بعض المواطن من لا يحضر في غيرها , والثاني أنها أبيحت مرارا , ولهذا قال في المرة الأخيرة " إلى يوم القيامة " إشارة إلى أن التحريم الماضي كان مؤذنا بأن الإباحة تعقبه , بخلاف هذا فإنه تحريم مؤبد لا تعقبه إباحة أصلا , وهذا الثاني هو المعتمد , ويرد الأول التصريح بالإذن فيها في الموطن المتأخر عن الموطن الذي وقع التصريح فيه بتحريمها كما في غزوة خيبر ثم الفتح.

وقال النووي: الصواب أن تحريمها وإباحتها وقعا مرتين فكانت مباحة قبل خيبر ثم حرمت فيها ثم أبيحت عام الفتح وهو عام أوطاس ثم حرمت تحريما مؤبدا , قال: ولا مانع من تكرير الإباحة.

ونقل غيره عن الشافعي أن المتعة نسخت مرتين.

وقد تقدم في أوائل النكاح حديث ابن مسعود في سبب الإذن في نكاح المتعة وأنهم كانوا إذا غزوا اشتدت عليهم العزبة فأذن لهم في الاستمتاع فلعل النهي كان يتكرر في كل مواطن بعد الإذن , فلما وقع في المرة الأخيرة أنها حرمت إلى يوم القيامة لم يقع بعد ذلك إذن والله أعلم.

والحكمة في جمع علي بين النهي عن الحمر والمتعة أن ابن عباس كان يرخص في الأمرين معا , وسيأتي النقل عنه في الرخصة في الحمر الأهلية في أوائل كتاب الأطعمة , فرد عليه علي في الأمرين معا وأن ذلك يوم خيبر , فإما أن يكون على ظاهره وأن النهي عنهما وقع في زمن واحد. وإما أن يكون الإذن الذي وقع عام الفتح لم يبلغ عليا لقصر مدة الإذن وهو ثلاثة أيام كما تقدم.

والحديث في قصة تبوك على نسخ الجواز في السفر لأنه نهى عنها في أوائل إنشاء السفر مع أنه كان سفرا بعيدا والمشقة فيه شديدة كما صرح به في الحديث في توبة كعب , وكان علة الإباحة وهي الحاجة الشديدة انتهت من بعد فتح خيبر وما بعدها والله أعلم.

والجواب عن قول السهيلي أنه لم يكن في خيبر نساء يستمتع بهن ظاهر مما بينته من الجواب عن قول ابن القيم لم تكن الصحابة يتمتعون باليهوديات , وأيضا فيقال كما تقدم لم يقع في الحديث التصريح بأنهم استمتعوا في خيبر , وإنما فيه مجرد النهي , فيؤخذ منه أن التمتع من النساء كان حلالا وسبب تحليله ما تقدم في حديث ابن مسعود حيث قال " كنا نغزو وليس لنا شيء - ثم قال - فرخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب " فأشار إلى سبب ذلك وهو الحاجة مع قلة الشيء , وكذا في حديث سهل بن سعد الذي أخرجه ابن عبد البر بلفظ " إنما رخص النبي صلى الله عليه وسلم في المتعة لعزبة كانت بالناس شديدة , ثم نهى عنها " فلما فتحت خيبر وسع عليهم من المال ومن السبي فناسب النهي عن المتعة لارتفاع سبب الإباحة , وكان ذلك من تمام شكر نعمة الله على التوسعة بعد الضيق , أو كانت الإباحة إنما تقع في المغازي التي يكون في المسافة إليها بعد ومشقة , وخيبر بخلاف ذلك لأنها بقرب المدينة فوقع النهي عن المتعة فيها إشارة إلى ذلك من غير تقدم إذن فيها , ثم لما عادوا إلى سفرة بعيدة المدة وهي غزاة الفتح وشقت عليهم العزوبة أذن لهم في المتعة لكن مقيدا بثلاثة أيام فقط دفعا للحاجة , ثم نهاهم بعد انقضائها عنها كما سيأتي من رواية سلمة , وهكذا يجاب عن كل سفرة ثبت فيها النهي بعد الإذن , وأما حجة الوداع فالذي يظهر أنه وقع فيها النهي مجردا إن ثبت الخبر في ذلك , لأن الصحابة حجوا فيها بنسائهم بعد أن وسع عليهم فلم يكونوا في شدة ولا طول عزبة , وإلا فمخرج حديث سبرة راويه هو من طريق ابنه الربيع عنه , وقد اختلف عليه في تعيينها ; والحديث واحد في قصة واحدة فتعين الترجيح , والطريق التي أخرجها مسلم مصرحة بأنها في زمن الفتح أرجح فتعين المصير إليها والله أعلم.

ـ[أبو حازم المسالم]ــــــــ[02 - 05 - 03, 04:06 م]ـ

جزاك الله خيرا.

و فتح الباري كله فوائد و درر.

و حبذا لو ذكر الإخوة ما يمر بهم من فوائد نفيسة على نفس النسق لكن مع مراعاة الاختصار قدر الإمكان و العزو إلى جزئها و صحيفتها.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير