تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكنت قد حكمت بآبار لأهل الأفلاج اختصموا بها معهم، ولم يكن من بينهم أحد ممن شارك في الخصومة، فأخذت اتكلم عن الصيد، فغلب على ظنهم أنني خرجت مع رفقتي للصيد، ثم مددت رأسي لأنظر خارج البيت فتيقنوا أنني انتظر رفقتي، وكنت قد رأيت أمام البيت سيارة بدأ لي أنها لم تتحرك منذ زمن، وبقربها برميل ممّا يوضع فيه البنزين، فسألت عن السيارة فقالوا: متعطلة، وسألني بعضهم هل تعرف اصلاحها؟ فقمت إليها، وتبين لي أنها بحاجة إلى بطارية، واتكأت بيدي أثناء حديثي على البرميل، ودفعت به قليلاً فتبين لي أن فيه النصف، فطلبت من محدثي أن يبيعني تنكة منه، فرفض فأضعفت له القيمة، فباعني إياها، فكانت عند صبها في سيارتي كالعسل على كبدي، فطلبت منه أن يبيعني تنكة أخرى فرفض، فأضعفت له القيمة ضعفين فرفض، فقلت له لو حضر أحد من محبّي وأخبرته بما أعطيتني لأعطاك بدل التنكة اثنتين، فطمع أن يعود إليه ضعف التنكتين دون مقابل، بعد أن أخذ أكثر من ضعف ثمنهما، فباعني تنكة أخرى، وبقي علي معضلة الطريق الذي أضعت، فطلب مني أحدهم أن يركب معنا لأوصله إلى بيوت بعض جماعته فسألته أهي على الطريق إلى الطريق العام، فقال: نعم، فركب معنا وبعد عشرين كيلاً تقريباً طلب النزول، فنزل في مكان خال، فسألته عن الطريق فقال: أمامك قريب فسرت أربعين كيلاً حتى وصلت إليه، فسرت معه، وبعد زمن يسير قابلنا أناس من أهالي السليل ففرحوا برؤيتي، وسألوني هل لي من حاجة؟ فقلت: بنزين فملؤوا لي خزان الوقود، ثم سرت فرأيت سدرة كبيرة، فوقفت بالقرب منها، وقلت لمرافقي جهز الغداء، وأنا سأنام عند تلك الشجرة، ولا توقظني حتى استيقظ، وكان قد أجهدني التعب والسهر.

أما القصة الأخرى فقد حدثني بها خالد ابن الشيخ فقال: في ليلة شاتية تحلقت وبعض أسرتنا حول سمر أوقد، وفجأة قصَّ أبي علينا قصة عجباً لم يقصها عليّ من قبل.

قال: عندما كنت بالسليل كان معي أبي فمرض، فسافرت به إلى جدة لمراجعة طبيب ذكر لي هناك، وفي اليوم التالي لوصولنا وصلتني برقية من السليل يخبرني مرسلها بوفاة أحد أبنائي فترقرق الدمع من عينيّ، وكتمت حزني عن أبي ولم أخبره، وفي اليوم الثاني وصلتني برقية أخرى يخبرني مرسلها بوفاة ابني الثاني ففاض الدمع من عينيّ وعظم حزني، وفي اليوم الثالث وصلتني برقية ثالثة فوجل قلبي منها، فلما قرأتها وجدت مرسلها يخبرني بوفاة ابني الثالث، وكانت أعمار ابنائي بين ثلاث وخمس سنين، وكانوا قد تعلقوا بيّ وتعلقت بهم، ولهم في القلب منزلة، فسال الدمع من عينيّ، وقصدت البحر حتى لا يقرأ أبي ملامح الحزن على وجهي، ووقفت على ساحله ليختلط ماء دمعي بمائه، وكنت أجد رغبة قوية في القيء فأقيء دماً. قال محدثي: وقد شعرت بقشعريرة تسري ببدني وأبدان من حولي، وترقرق الدمع من ماق البعض منا وسال من آخرين، فرفعت رأسي لأسأل أبي عن أسماء إخوتي، فوجدت دمعه يجري على خدَّيه، فألجمني رهبة الموقف عن السؤال.

لقد كتم الشيخ حزنه على أبنائه في قلبه، ولم ينسهم رغم مرور ما يقارب خمسين عاماً على ذلك.

وكتبه:

إبراهيم بن صالح الزغيبي 1/ 3

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــ

# رجعت في هذه الترجمة إلى ما يلي:

1 ـ محفوظات رئاسة القضاة المحفوظة بمركز الوثائق والمحفوظات بوزارة العدل.

2 ملف فضيلة الشيخ / إبراهيم الخضيري المحفوظ بمركز الوثائق والمحفوظات بوزارة العدل.

3 ـ ثلاث مقابلات شخصية مع فضيلته الأولى بتاريخ 20/ 8/1429هـ، والثانية بتاريخ 4/ 9/1429هـ، والثالثة بتاريخ 10/ 9/1429هـ.

4 ـ مقابلتان شخصيتان مع الشيخ / خالد ابن فضيلة الشيخ / إبراهيم الأولى بتاريخ 20/ 8/1429هـ، والأخرى بتاريخ 4/ 9/1429هـ.

(1) إحدى قرى سدير على وادي الفقء، تقع بالقرب من قاعدة سدير (الحوطة). انظر: معجم اليمامة، عبدالله بن محمد بن خميس، ط1،1398هـ، ص281.

(2) بلده تقع شمال مدينة بريدة، وتبعد عنها بضعة كيلات، وهي شقتان عليا وسفلى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير