تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وجود الخط الأسود في بداية الطواف: تكلم المعاصرون في مشروعية هذا الخط على قولين مشهورين، فمنهم من يمنعه كالشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -، والشيخ بكر بو زيد – حفظه الله – وله رسالة في ذلك، ومنهم من يجيزه كالشيخ محمد بن عثيمين – رحمه الله -، والشيخ محمد بن سبيل – حفظه الله -، وله رسالة في ذلك. ولكل من القولين حجته، لكن تنبغي الإشارة إلى أنه مع مشروعية هذا الخط إلا إن فيه خللاً هندسياً، فعرض الخط من أوله عند الحجر إلى آخر المطاف على قدر واحد، والمعروف هندسياً أن الدائرة كلما اتسعت اتسع قطرها، فالواجب زيادة عرض الخط الأسود وتغليظه كلما اتجهنا إلى آخر المطاف، وهذا يعني أن الطائف في آخر المطاف تكون محاذاته للحجر الأسود قبل وصوله إلى الخط الأسود خلافا لما عليه الخط الأسود الآن.

التوكيل في الهدي: الواجب على الحاج إبراء للذمة أن يتولى ذبح هديه بنفسه، ويشرف على توزيعه على الفقراء والمساكين مع أكل شيء منه – استحباباً -، وأما التوكيل فإن كان الوكيل ثقة أميناً فلا بأس وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء في المملكة العربية السعودية بجواز دفع قيمة الهدي للبنك الإسلامي.

الاعتبار بعلة الزحام الموجودة في هذا الزمان: من أعظم مقاصد الحج تحقيق العبودية لله – سبحانه – بأداء المناسك، وإظهار معالم الأخوة الإسلامية في الإيثار، وبذل الخير للمسلمين، والتخلص من الأثرة وتقديم مصلحة النفس على الغير، والحذر من كل ما يفضي إلى إفساد النسك، أو نقصان الأجر كالرفث والفسوق والجدال والخصومة والخلاف والمضاربة أثناء تأدية مناسك الحج.

ومن الأسباب التي قد تؤدي إلى ما ذكرنا من مظاهر الخلاف والشقاق بين الحجاج شدة الزحام في المناسك بعد تزايد أعداد الحجاج في السنوات الأخيرة، وهذا أمر ينبغي الالتفات إليه ومعالجته، فإن هذه الشريعة ما جاءت بالعنت، والتشديد على المكلف، وإنما جاءت باليسر والسماحة، ورفع الحرج والمشقة عنه قال تعالى:"ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم ولعلكم تشكرون". و (مراعاة الفضيلة المتعلقة بذات العبادة أولى من مراعاة الفضيلة المتعلقة بمكانها أو زمانها) فالطواف في مكان بعيد عن الكعبة مع الخشوع أولى من الطواف قريبا منها عند شدة الزحام.

وهذه بعض المسائل المتعلقة بشدة الزحام:

ترك المبيت بمنى عند عدم وجود مكان فيها: المقرر عند الفقهاء وجوب المبيت في منى، وتركه يوجب الكفارة، لكن إذا ترك المبيت لعذر فلا شيء عليه، والدليل على ذلك ما رواه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – أن العباس بن عبد المطلب – رضي الله عنه - استاذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له ". وروى الخمسة عن عاصم بن عدي – رضي الله عنه –:"أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم رخص لرعاء الإبل في البيتوتة عن منى يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد ومن بعد الغد ليومين، ثم يرمون يوم النفر".

ويلحق في ذلك أهل الأعذار ممن يشق عليه المبيت في منى، فقد روى سعيد بن منصور في "سننه" عن ابن عباس – رضي الله عنهما - أنه كان يقول:"إذا كان للرجل متاعٌ بمكة يخشى عليه الضيعة إنْ بات بمنى، فلا بأس أن يبيت عنده بمكة".

قال ابن قدامة – رحمه الله – في "المغني":وأهل الأعذار كالمرضى ومن له مال يخاف ضياعه ونحوهم كالرعاة في ترك البيتوتة.ا. هـ.

وقال ابن القيم – رحمه الله –: وإذا كان النبي – صلى الله عليه وسلم - قد رخص لأهل السقاية وللرعاة في ترك البيتوتة، فمن له مال يخاف ضياعه، أو مريض يخاف من تخلفه عنه، أو كان مريضا سقطت عنه بتنبيه النص على هؤلاء. والله أعلم. ا. هـ.

ومع الزحام الموجود الآن فقد ألحق العلماء في ذلك ترك المبيت بمنى عند ضيقها، أو وجد مكاناً لا يصلح لمثله، ومنه المبيت على الشوارع والأرصفة والذي فيه إلحاق الضرر بالنفس والغير وانكشاف عورات النساء، وهذا لا شك أولى من رعاة الإبل الذين رخص لهم الرسول – صلى الله عليه وسلم – في ترك المبيت بمنى، فإذا لم يجد مكانا في منى فيبيت عند منتهى آخر خيمة من خيام الحجاج، وهذا كالمسجد إذا امتلأ بالحجاج فإنهم يصلون بعضهم إلى بعض.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير