المرتبة الثالثة: الصبابة، وهي انصباب القلب إلى المحب، بحيث لا يملكه كانصباب الماء إلى الحجور.
الرابع: الغرام، وهو الحب الملازم للقلب، سمي غراما لملازته له، ومنه الغريم، سمي غريما لملازمته لغريمة صاحب الدَّين إذا لقي المدين لزمه، ومنه قوله تعالى في جهنم: {إِن عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65)} يعني ملازما.
المرتبة الخامسة: المودة والود، وهو صفو المحبة وخالصها ولبها، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96)}.
المرتبة السادسة: الشغف، وهو الحب الذي وصل إلى شغاف القلب، وهو غلافه، وهي الجلدة التي دون الحجاب.
المرتبة السابعة: العشق، وهو الحب المفرط الذي يخشى على صاحبه، وهذا لا يوصف به الرب، هذه المرتبة لا يوصف بها الرب، ولا يوصف العبد بها في محبته لربه؛ لأنه لم يرد، ولعل الحكمة في ذلك أنها محبة مع شهوة.
الثامن: التتيم، وهو التعبد، ومنه تيم الله أي عبد الله، يقال: تيمة الحب. أي عبّده وذلله.
التاسع: التعبد، وهو غاية الذل مع غاية المحبة، يقال: طريق معبد إذا وطئته الأقدام، غاية الذل مع غاية المحبة، ومحبة العبودية خاصة بالله، ولا تكون إلا لله، وهي غاية الذل مع غاية الحب، فإذا صرفت لغير الله كانت شركا.
العاشر: الخلة، وهي سميت خلة لأنها لتخللها القلب والروح، تتخلل القلب والروح حتى تصل إلى سويدائك، كما قال الشاعر:
قد تخللت مسلك الروح مني ... ولذا سمي الخليل خليلا
والخلة هي نهاية المحبة وكمالها، ولا يتسع القلب لأكثر من خليل واحد، القلب يمتلئ ما يتسع لأكثر من خليل واحد؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن صاحبكم خليل الله) يعني نفسه -عليه الصلاة والسلام-.
يعني لو كان في قلبي متسع لكان لأبي بكر، ولكن قلبي امتلأ بخلة الله، فليس فيه متسع، لو كان فيه متسع لكان لأبي بكر، لكن القلب لا يتسع لأكثر من خليل، امتلأ قلبه -عليه الصلاة والسلام- بخلة الله، فلا يتسع لأكثر من واحد.
ـ[الحريص بن محمد]ــــــــ[14 - 11 - 09, 11:02 م]ـ
لشيخنا الشاب - حفظه الله - أبيات مختصرة في مراتب المحبة:
عِلقٌ أراد الصب والغراما ... ود الشغف والعشق والهياما
تتيمٌ عنيت والتعبد ... وخلة قد رامها محمد
وكان الشيخ وضعها لنفسه بداية الطلب.
ـ[الحريص بن محمد]ــــــــ[14 - 11 - 09, 11:03 م]ـ
عفواً (وخلة قد حازها محمد) - صلى الله عليه وآله وسلم -
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[14 - 11 - 09, 11:55 م]ـ
بارك الله فيكم
في الحقيقة هذه التقاسيم نظرية إلى حد ما، وابن القيم رحمه الله يتبع الأصل اللغوي في بيان المعاني النفسية، وهي صحيحة لكن بشفعها بالتجربة والحدس، والذي أعتقده أن المحبة والعشق مرتبة واحدة، ويعلوان المودة؛ فالعشق للصور، والمحبة للفضائل ... والمودة تنشأ بأسباب عديدة أخصها الثقة، وتفترق المودة عن المحبة في الاستحسان؛ فقد لا يستحسن المرء وِدّه لكن المحب يشترط الحسن الباطن الذي منه الثقة، أما العاشق فيستحسن الصور، وهل استحسان فضائل النفس شرط في العشق؟ الله أعلم!
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[15 - 11 - 09, 09:05 م]ـ
في الحقيقة هذه التقاسيم نظرية إلى حد ما، وابن القيم رحمه الله يتبع الأصل اللغوي في بيان المعاني النفسية، وهي صحيحة لكن بشفعها بالتجربة والحدس
بل المصادر كثيرة: القرآن والسنة، والأصل اللغوي، وأقوال العلماء، والمشاهدات، والسير ...... والمناهج ثلاث الاستقراء (التي منها التجربة)، والاستنباط (من النصوص أو المشاهدات)، والحدس (المعرفة المباشرة من خلال الخبرة).