[الذل والانكسار]
ـ[محمود المقدسي]ــــــــ[03 - 11 - 10, 09:09 ص]ـ
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة السلام على سيد ولد آدم أجمعين، وبعد:
فإنّ من علامات توفيق العبد، أن يكون منكسراً لربه، معترفاً بذنبه، متهماً لنفسه، لا يراها إلا بعين الاحتقار.
ومن أراد الله به خيراً فتح له هذا الباب، وجعله يرى عيوب نفسه وأمراضها، ويرى عظيم فضل الله عليه ولطفه به وإحسانه إليه ورحمته به وستره عليه.
فالعبد متى رأى لنفسه فضل وصلاح هلك وفسد قلبه.
وقد ذكرَ الإمام أحمد عن بعض أهل العلم بالله أنه قال له رجل: إني لأقوم في صلاتي فأبكي حتى يكاد ينبت البقل من دموعي، فقال له: إنك أن تضحك وأنت تعترف لله بخطيئتك، خير من أن تبكي وأنت مدلٍ بعملك.
لذا كان السلف نفوسهم منكسرة لله تعالى مع صدق وإخلاص، فرفع الله قدرهم، وأبقى ذكرهم.
- سمع جبير بن نفير أبا الدرداء وهو في آخر صلاته وقد فرغ من التشهد يتعوذ بالله من النفاق، فأكثر التعوّذ منه، فقال جبير: ومالك يا أبا الدرداء أنت والنفاق؟! فقال: دعنا عنك، دعنا عنك، فوالله إنّ الرجل ليقلب عن دينه في الساعة الواحدة فيخلع منه.
- قال عبد الله بن عامر بن ربيعة: رأيت عمر أخذ تبنة من الأرض فقال: يا ليتني هذه التبنة، ليتني لم أك شيئا، ليت أمي لم تلدني.
- كان الربيع بن خثيم إذا قيل له: كيف أصبحتم؟ قال: ضعفاء مذنببين، نأكل أرزاقنا، وننتظر آجالنا.
- كان الإمام بكر بن عبد الله المزني واقفاً بعرفة فرَقّ، فقال: لولا أني فيهم لقلت: قد غفر لهم.
- قال الإمام أيوب السختياني: إذا ذكر الصالحون كنت عنهم بمعزل.
- وقال الإمام محمد بن واسع الأزدي البصري: لو كان للذنوب ريح ما جلس إلي أحد.
- وكثر الناس على الإمام سفيان الثوري بمكة، فقال: إنا لله، أخاف أن يكون الله قد ضيع هذه الأمة، حيث احتاج الناس إلى مثلي.
- قال الإمام الفضيل بن عياض: أخذت بيد سفيان بن عيينة، فقلت: إن كنت تظن أنه بقي على وجه الأرض شرّ مني ومنك، فبئس ما تظن.
وقال - الفضيل -: لو حلفتُ أني مراء، كان أحب إليّ من أن أحلف أني لست بمراء.
وقال: يا مسكين، أنت مسيءٌ وترى أنك محسن، وأنتَ جاهلٌ وترى أنكَ
عالمٌ، وتبخل وترى أنكَ كريمٌ، وأحمق وترى أنك عاقل، أجلك قصير، وأملك طويل.
- وقال الإمام الرباني محمد بن أسلم الخرساني: قد سرت في الأرض ودرت فيها، فبالله ما رأيت نفساً تصلّي أشرّ عندي من نفسي.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا مداومين على الانكسار له، متذلّلين لعظمته، راجين لرحمته، طامعين لمغفرته.
ـ[محمود المقدسي]ــــــــ[04 - 11 - 10, 08:06 ص]ـ
قال الإمام ابن القيم في مدارج السالكين عن شيخ الإسلام ابن تيميه:
كان يقول كثيرا: ما لي شيء، ولا مني شيء، ولا في شيء.
وكان كثيراً ما يتمثل بهذا البيت.
أنا المكدي وابن المكدي ... وهكذا كان أبي وجدي
وكان إذا أثني عليه في وجهه يقول: والله إني إلى الآن أجدد إسلامي كل وقت، وما أسلمت بعد إسلاما جيدا.
وبعث إليَّ في آخر عمره «قاعدة» في التفسير بخطه، وعلى ظهرها أبيات بخطه من نظمه.
أنا الفقير إلى رب البريات ... أنا المسكين في مجموع حالاتي
أنا الظلوم لنفسي وهي ظالمتي ... والخير إن يأتنا من عنده يأتي
لا أستطيع لنفسي جلب منفعة ... ولا عن النفس لي دفع المضراتي
وليس لي دونه مولى يدبرني ... ولا شفيع إذا حاطت خطيئاتي
إلا بإذن من الرحمن خالقنا ... إلى الشفيع كما قد جاء في الآياتي
ولست أملك شيئاً دونه أبداً ... ولا شريك أنا في بعض ذراتي
ولا ظهير له كي يستعين به ... كما يكون لأرباب الولاياتي
والفقر لي وصف ذات لازم أبدا ... كما الغنى أبداً وصف له ذاتي
وهذه الحال حال الخلق أجمعهم ... وكلهم عنده عبد له آتي
فمن بغى مطلبا من غير خالقه ... فهو الجهول الظلوم المشرك العاتي
والحمد لله ملأ الكون أجمعه ... ما كان منه وما من بعد قد ياتي
ـ[أسماء طالبة علم]ــــــــ[05 - 11 - 10, 07:57 ص]ـ
مااحسن هذا .. ماشاء الله
أسأل الله تعالى أن يجعلنا مداومين على الانكسار له، متذلّلين لعظمته، راجين لرحمته، طامعين لمغفرته.
امين ..
بارك الله فيك ..
ـ[السوادي]ــــــــ[06 - 11 - 10, 07:47 ص]ـ
بارك الله فيك ..