تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم اختلف المانعون من ذلك: هل هو من باب التحريم، أو الكراهة التنزيهية، أو خلاف الأولى؟ على ثلاثة أقوال، حكاه الشيخ أبو زكريا النووي في كتاب الأذكار. ثم قال: والصحيح الذي عليه الأكثرون أنه مكروه كراهة تنزيه؛ لأنه شعار أهل البدع، وقد نهينا عن شعارهم، والمكروه هو ما ورد فيه نهي مقصود. قال أصحابنا: والمعتمد في ذلك أن الصلاة صارت مخصوصة في اللسان بالأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم، كما أن قولنا: (عز وجل)، مخصوص بالله سبحانه وتعالى، فكما لا يقال: (محمد عز وجل)، وإن كان عزيزا جليلا لا يقال: (أبو بكر أو علي صلى الله عليه). هذا لفظه بحروفه. قال: وأما السلام فقال الشيخ أبو محمد الجُوَيني من أصحابنا: هو في معنى الصلاة، فلا يستعمل في الغائب، ولا يفرد به غير الأنبياء، فلا يقال: (علي عليه السلام)، وسواء في هذا الأحياء والأموات، وأما الحاضر فيخاطب به، فيقال: سلام عليكم، أو سلام عليك، أو السلام عليك أو عليكم. وهذا مجمع عليه. انتهى ما ذكره. قلت: وقد غلب هذا في عبارة كثير من النساخ للكتب؛ أن يفرد علي رضي الله عنه بأن يقال: (عليه السلام)، من دون سائر الصحابة، أو: (كرم الله وجهه)، وهذا وإن كان معناه صحيحا، لكن ينبغي أن يُسَاوى بين الصحابة في ذلك؛ فإن هذا من باب التعظيم والتكريم، فالشيخان وأمير المؤمنين عثمان بن عفان أولى بذلك منه، رضي الله عنهم أجمعين" ([8]).

ويثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، فيقال: صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو: صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

& shy; ما طبيعة العلاقة بين آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة؟

} رحماء بينهم {كما أخبر ربهم.

ولعلِّي أورد ما يدل لذلك ..

قال أبو بكر لعليٍّ رضي الله عنهما: "والذي نفسي بيدِه لَقرابةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبُّ إليَّ أنْ أَصِلَ من قرابَتِي" رواه البخاري ومسلم.

وقال أبو بكر رضي الله عنه: "ارقُبُوا محمَّداً صلى الله عليه وسلم في أهل بيته" رواه البخاري.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "يخاطب بذلك الناس ويوصيهم به، والمراقبة للشيء المحافظة عليه، يقول: احفظوه فيهم فلا تؤذوهم ولا تسيئوا إليهم" ([9]).

وفي صحيح البخاري عن عقبة بن الحارث رضي الله عنه قال: "صلَّى أبو بكر رضي الله عنه العصرَ، ثم خرج يَمشي، فرأى الحسنَ يلعبُ مع الصِّبيان، فحمله على عاتقه، وقال:

بأبي شبيهٌ بالنبي --- لا شبيهٌ بعلي

وعليٌّ رضي الله عنه يضحك".

وفي العبارة حذف والتقدير: أَفْدِيه بأبي كما قال الحافظ رحمه الله ([10]).

وكان عمر رضي الله عنه يبدأ في العطاء بآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن تيمية رحمه الله: "وانظر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين وضع الديوان، وقالوا له: يبدأ أمير المؤمنين بنفسه. فقال: لا، ولكن ضعوا عمر حيث وضعه الله تعالى، فبدأ بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم من يليهم، حتى جاءت نوبته في بني عدي، وهم متأخرون عن أكثر بطون قريش" ([11]).

وفي البخاري عن أنس أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- كان إذا قُحِطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، فقال: اللَّهمَّ إنَّا كنَّا نتوسَّل إليك بنبيِّنا صلى الله عليه وسلم فتسقينا، وإنَّا نتوسَّلُ إليك بعمِّ نبيِّنا فاسقِنا، قال: فيُسقَوْن. والمراد: التوسل بالدعاء، وإلا لو كان توسلاً بذاتٍ فرسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم بذاته.

وكان العباس إذا مر بعمر أو بعثمان –رضي الله عنهم- وهما راكبان، نزلا حتى يجاوزهما؛ إجلالا لعم رسول الله ([12]).

وقال عمر للعباس –رضي الله عنهما-: "والله لإِسلاَمُك يوم أسلمتَ كان أحبَّ إليَّ من إسلامِ الخطاب لو أسلَمَ؛ لأنَّ إسلامَك كان أحبَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب" رواه ابن سعد في الطبقات، والطبراني.

وروى مسلمٌ في صحيحه عن شُريح بن هانئ قال: أتيتُ عائشةَ رضي الله عنها أسألها عن المسح على الخفين، فقالت: عليك بابن أبي طالب فَسَلْه؛ فإنَّه كان يُسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فسألناه، فقال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثةَ أيامٍ ولياليَهنَّ للمسافر، ويوماً وليلةً للمقيم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير