تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والأفضل للمسلم أن يتطهر لذكر الله تعالى. لما روى أبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم وغيرهم بسند صحيح عن المهاجر بن قنفذ , أنه أتى النبي r وهو يبول ,فسلم عليه فلم يرد عليه حتى توضأ, ثم اعتذر إليه فقال: " إني كرهت أن.أذكر الله تعالى ذكره إلا على طهر ".

وفي الصحيحين وغيرهما عن أبي الجهيم t قال: أقبل النبي r من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم فلم يرد عليه النبي r حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه ثم رد عليه السلام.

أقوال أهل العلم في حكم قراءة الجنب للقراّن:

اعلم أن أهل العلم اختلفوا في الجنب للقراّن على ثلاثة أقوال:

القول الأول: لا يجوز قراءة شيء من القراّن مطلقاً.

القول الثاني: يجوز قراءة القراّن مطلقاً.

القول الثالث: يجوز قراءة الاّية والاّيتين والشيء اليسير ويحرم الكثير. وقد قال بكل قول من هذه الأقوال جماعة من أهل العلم.

فأما القول الأول فإنه قول لبعض الصحابة وطائفة من أهل العلم ممن بعدهم. منهم الشافعية , فقد قال النووي رحمه الله:» مذهبنا أنه يحرم على الجنب والحائض قراءة القراّن قليلها وكثيرها , حتى بعض آياته , وبهذا قال اكثر العلماء.كذا حكاه الخطابي وغيره عن الأكثر ين ... «

أقول: قول الخطابي ذكره في معالم السنن, ولفظه (وأكثر العلماء على تحريمه).

وعبارة الخطابي عامة يستفاد منها أن الجمهور يمنعون الجنب من قراءة القراّن , ولكن لا تدل عبارته على أن الجمهور يمنعون الآية فضلاً عن بعضها.

ونقله أيضا عن الجمهور الإمام الترمذي رحمه الله في جامعه. ولكنه نقل عنهم استثناء طرف الآية والحرف ونحو ذلك. وقال شيخ الإسلام في الفتاوى:» الجنب ممنوع من القراءة القراّن «وقال رحمه الله في» والأربعة أيضا لا يجوزون للجنب قراءة القراّن ولا اللبث في المسجد إذا لم يكن على وضوء وتنازعوا في قراءة الحائض وفي قراءة الشيء اليسير ... «. أقول: والمنع مطلقا رواية عن الإمام أحمد ذكرها طائفة من فقهاء مذهبه وهو مذهب أبي حنيفة , كما في الهداية وبه قال جماعة من التابعين كإبراهيم النخعي ومجاهد وغيرهما.

واحتج أصحاب هذا القول بأدلة:

1 - منها ما رواه أحمد , وأبو داود والنسائي , والترمذي , وابن ماجه ,وغيرهم من طريق شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة , قال:أتيت على علي- t– أنا ورجلان فقال: كان رسول الله e يقضي حاجته ثم يخرج فيقرأ القراّن ويأكل معنا اللحم ولا يحجزه من القراّن شيء ليس الجنابة , قال الترمذي: حديث علي حديث حسن صحيح , وصححه الحاكم في مستدركه , وقال الشوكاني في السيل الجرار: قد صححه جماعة من الحفاظ ولم يأت من تكلم عليه بشيء يصلح لأدنى قدح ... , وفيه , نظر , فإن مدار الحديث على عبد الله بن سلمة.

قال يحيى: وكان شعبة يقول في هذا الحديث: نعرف وننكر , يعني أن عبد الله بن سلمة كان كبر حيث أدركه عمرو , وهذه علة تمنع ثبوت الحديث.

ولذلك قال البخاري في التاريخ الكبير ,في ترجمة عبد الله بن سلمة: لا يتابع في حديثه , والحديث ضعفه الشافعي والنووي.

وقال الخطابي في معالم السنن وكان أحمد بن حنبل يوهن حديث علي هذا ويضعف أمر عبد الله بن سلمة.

وقال ابن المنذر في الأوسط: وحديث علي لا يثبت إسناده. أقول ولو صح حديث علي فليس فيه تحريم قراءة الجنب للقراّن لأن الامتناع لا يدل علي التحريم , ولو كان ترك النبي r للقراءة تحريما لبينه بيانا عاما لأن الحاجة داعية إلى البيان والناس رجالا ونساء يبتلون بذلك , وقد تقرر في القواعد الأصولية أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز:

قال ابن المنذر في الأوسط: ولو ثبت خبر علي لم يجب الامتناع من القراءة من أجله لأنه لم ينهه عن القراءة فيكون الجنب ممنوعاً منه.

وقال ابن حزم رحمه الله في المحلى على حديث علي:» وهذا لا حجة لهم فيه لأنه ليس فيه نهي عن أن يقرأ الجنب القرآن، وإنما هو فعل منه عليه السلام لا يلزم، ولا بين عليه السلام أنه إنما يمتنع من قراءة القرآن من أجل الجنابة «

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير